نشر بتاريخ: 2020/11/30 ( آخر تحديث: 2020/11/30 الساعة: 06:10 )
بقلم: يوسي ميلمان

ضربة معنوية للنظام الإيراني وللزعيم خامنئي وحرسه الثوري

نشر بتاريخ: 2020/11/30 (آخر تحديث: 2020/11/30 الساعة: 06:10)

اغتيال البروفيسور محسن فخري زادة ضربة معنوية ونفسية، حتى مهنية، بالنسبة للنظام في إيران. هذه ضربة للزعيم الأعلى، علي خامنئي، وخاصة للحرس الثوري والمسؤولين عن المشروع النووي في إيران. ظاهريا، كان فخري زادة شخصا اكاديميا، استاذ فيزياء في جامعة الامام الحسين. ولكنه شغل مناصب مهمة في تطوير البرنامج النووي العسكري في الجمهورية الاسلامية، الذي جرى بصورة سرية طوال اكثر من عقدين بموازاة البرنامج المدني وبرعايته. كان البرنامج تحت مسؤولية الحرس الثوري، الذي شغل فيه فخري زادة منصب ضابط كبير، برتبة توازي رتبة بريغادير في الجيش الإسرائيلي.

قبل اكثر من عقد، عندما بدأت الوكالة الدولية للطاقة النووية بالتدريج، بمساعدة إسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية اخرى، في كشف البرنامج النووي لإيران، أراد المراقبون في الوكالة النووية الوصول الى طهران واستجواب اكبر العلماء. قام النظام بحماية فخري زادة ورفض الطلب. بعد ذلك تم الابلاغ عن أنه جرت محاولة لاغتياله. نسبت العملية لـ»الموساد»، الذي كان في تلك السنوات (2008 وحتى 2012) كان متورط في اغتيال خمسة علماء ذرة (حسب مصادر أجنبية).

حتى الآن من غير الواضح كيف تم تنفيذ عملية الاغتيال. في التقارير الأولية لمواقع اخبارية في إيران كتب أن مخربا انتحاريا قام بتفجير السيارة التي كان يسافر فيها فخري زادة. وبعد ذلك حدث تبادل لاطلاق النار أصيب فيه عدد من الاشخاص منهم حراسه الشخصيون. ولكن بعد ذلك تم الابلاغ عن هجوم مخطط له واكثر دقة تضمن سيارة مفخخة انفجرت وأوقفت سيارات العالم وحراسه. عندما توقفت السيارات فتح مسلحون من كمين على جانب الشارع النار، عندها تقدم اشخاص كانوا يحملون المسدسات ويركبون على دراجات نارية واطلقوا النار من مسافة قريبة. في السابق تمت تصفية علماء ذرة في طهران عن طريق اطلاق النار من مسافة قريبة من قبل اشخاص نفذوا الاغتيال وهم يركبون على دراجات واطلقوا النار من مسدسات مع كاتم للصوت. وفي حالات اخرى تم إلصاق عبوات خاصة في سياراتهم.

تميز فخري زادة بمعرفته التي راكمها من خلال عمله العلمي، لكنه لم يتميز بذلك فقط، فقد برز بالاساس لأنه ترأس «مجموعة السلاح»، المرحلة النهائية المهمة في عملية تصنيع السلاح النووي، وتطوير صواريخ تحمل رؤوسا نووية.

البرنامج النووي العسكري كشف في حينه من قبل مجموعة علماء من إسرائيل والولايات المتحدة، وفي النهاية ايضا من الوكالة الدولية للطاقة النووية، التي حظيت باسم عماد. نفت إيران كالعادة أنها تعمل على برنامج نووي عسكري. وبعد ذلك تبين أن برنامج عماد تم وقفه في 2003، ولكن فيما بعد تم استئنافه برعاية وزارة الدفاع الإيرانية، واصبح اسمه «اس.بي.ان.دي». هذا الاسم عرضه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحافي في نهاية نيسان من العام 2018، الذي كشف فيه ايضا صورة فخري زادة. وحسب تقارير فإن فخري زادة نزل الى العمل السري لمعرفته أن «الموساد» وجهات استخبارية اخرى تقوم بالبحث عنه.

في نفس المؤتمر الصحافي كشف نتنياهو ايضا عن وجود عملية استخبارية في كانون الثاني 2018 نجح فيها «الموساد» في أن يهرب من طهران الارشيف النووي، وأن يحضره الى إسرائيل. العملية والكشوفات التي جاءت في اعقابها منحت الدعم للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي انسحب من البرنامج النووي مع إيران، وبعد ذلك فرض عقوبات اكثر شدة على النظام الإيراني والشخصيات الكبيرة فيه. وردا على ذلك بدأت إيران بخرق الاتفاق النووي، ومن بين امور اخرى، بدأت بتخصيب اليورانيوم بكمية اكبر من الكمية المتفق عليها، وتركيب اجهزة طرد مركزية اكثر تطوراً، وكذلك مراكمة مخزون من اليورانيوم. وحسب التقديرات، قلصت طهران بعدة أشهر الجدول الزمني من اجل انتاج السلاح النووي.

الروح المحاربة من جانب إسرائيل والولايات المتحدة واصلها نتنياهو عندما نشر فيلما قصيرا عشية السبت، فصل فيه الافعال التي قام بها، الاسبوع السابق، واضاف: «لا استطيع ان اقول لكم كل شيء». واصل ترامب تجاهل وكالات الاستخبارات و»البنتاغون» التي رفضت الرد على عملية الاغتيال، وشارك في تويتر بتغريدات للموقع أعلاه، تطرقت لعملية الاغتيال واهميتها. تصريحات نتنياهو وترامب يمكن تفسيرها باستفزازات لاشعال حرب، ومحاولة لتصعيد التوتر بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. زاد التوتر مؤخرا على خلفية التقارير عن أن الرئيس الأميركي يفحص مهاجمة منشآت نووية في إيران قبل مغادرة البيت الابيض، رغم أن خبراء يعتقدون أن احتمالية ذلك ضعيفة.

مع ذلك، يجب علينا ألا ننسى بأنه مع كل اهمية الانجاز الاستخباري لمن كان المسؤول عن العملية، إلا أنهم في إيران سارعوا الى اتهام «الموساد»: كل شخص يوجد له بديل. هذا الامر صحيح ايضا عندما يتعلق بعالم كبير. فمهما كان مهما، يمكن ايجاد بديل لفخري زادة لا يقل عنه تأهيلا. أمر آخر، من المهم ايضا تذكره، هو أنه يوجد لإيران، الآن، معرفة كافية تمكنها من إنتاج سلاح نووي إذا أرادت ذلك.

 

عن «هآرتس»