أين العرب أين المسلمين !!
محمد مشارقة
أين العرب أين المسلمين !!
أين العرب أين المسلمين..
عبارة تتردد مع مسلسل الفواجع والنكبات الفلسطينية، تستغيث على الدوام بالعرب والمسلمين، ولا زالت عالقة في ذاكرتي صورة امرأة من بلدنا، سقط ابنها في النهر اثناء عبورنا لجسر الملك حسين (اللمبي) وكان مهدما بفعل القصف اثناء احتلال إسرائيل للضفة الغربية. سمعت ذات النداء الدامع من نساء ورجال غزة اثناء التدمير الاسرائيل للبيوت عام ٢٠١٤ ، وين العرب وين المسلمين .
بعد انهيار الجدار العربي الحاضن للقضية الفلسطينية وبدء مسار التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، انكسر حائط الوعي الهش الذي ظل يأمل ان يأتي صلاح دين عربي ومسلم جديد يحرر القدس. لماذا لم تناشد امرأة مكلومة من كفر قاسم بعد المجزرة الحاج امين الحسيني وأخرى من دورا او حي الرمال في غزة بعد سبعين عاما، ولم يستغثن بفلسطيني من بني جلدتهن. هذا الوعي الجمعي المراهن على خارجه ، ترسخ بتيارات أيديولوجية سيطرت على الحركة الفلسطينية، القومي بشقيه من عبد الناصر الى الأسد الى القذافي باعتبارهم مرجعية وسندا للتحرير ،الإسلامي بكل تعبيراته الذي يعتبر فلسطين تفصيلا ثانويا في مشروع اممي يمتد من اندونيسيا الى السنغال، حتى ان المخيال الشعبي يتداول روايات تقول ان تحرير فلسطين سيأتي من الشرق ولون بشرة جنودهم تختلف عنا، وهناك من يقول من أفغانستان او إيران ، واليساري بشقيه الخارج من رحم القومي والأخر الشيوعي اذي اعتبر ان النصر لا يتحقق الا بانتصار الاتحاد السوفيتي العظيم على الامبريالية والرأسمالية ، حتى ان نايف حواتمة شتم السوفييت عندما تخاذلوا عن نجدة منظمة التحرير وتركوها لمصيرها امام دبابات شارون في بيروت.
الفلسطينيون اليوم وحدهم يواجهون مصيرهم، لا خلاص لهم من خارجهم، لا بل بدانا نكتشف ان جانبا أساسيا من المصيبة والنكبة الفلسطينية يتحملها النظام العربي، وكل محاولاتنا لإيجاد حلول لقضيتنا احبطها العربي بجيوش إنقاذه وسلاحه الفاسد وطلقات الغدر والاغتيال لكل محاولة للتفكير وفتح قنوات الحلول من أيام مبادرة السادات ومينا هاوس وصولا الى ظاهرة أبو نضال التي مولها النظام التسلطي في بغداد ودمشق وطرابلس. وقبلها مع نهاية الخمسينات عندما قرر جناح مسلح من القوميين العرب بدء حرب عصابات ضد الكيان المحتل، وقفت مخابرات عبد الناصر ضد الفكرة باعتبارها محاولة في غير توقيتها لتوريط "النظام الثوري"، ولهذا امتنعت كتائب العودة وشباب الثأر عن اعلان عملياتها الاولى ضد إسرائيل. الفلسطيني يملك أوراق قوة كثيرة أولها انه لا زال على ارضه، وثانيها ان قضيته باتت عنوانا للعدالة والأخلاق الانسانية، واحد النماذج الأخيرة للبلطجة الاستعمارية، ويدرك الإسرائيلي قبل غيره من المهابيل والمستشرقين ان لا حل وجوديا له غير التفاهم مع الشعب الفلسطيني. اليوم، كل التيارات الجديدة التي تجتاح أوروبا وامريكا والتي تواجه موجة اليمين الفاشي الشعبوي من ترامب الى نتنياهو، كلها تقف مع الحق الفلسطيني دون اشتغال من طرفنا، لاحظوا الوعي الكامن لدى الأجيال الفلسطينية الجديدة في الغرب، بهويتهم وانتمائهم وعنادهم ومنطقهم العصري في مواجهة تيارات الصهاينة والمتصهينين. لا أخاف على مستقبل القضية الفلسطينية، ليس ادعاء ولا كلاما مرسلا، وانما إحساس بحكمة التاريخ وعمق روايتنا التي لا تمحى بالتزييف وسطوة المحتل العابرة. لحظة الوعي الجديدة تكمن في ادراكنا ان مصيرنا وقدرنا بأيدينا لا بيد غيرنا.