رسالة من بعيد: بيان القيادة الموحدة للانتفاضة الشعبية
محمد مشارقة
رسالة من بعيد: بيان القيادة الموحدة للانتفاضة الشعبية
بلا مقدمات أو إرهاصات انتفاضة جديدة ضد المحتل، خرج البيان الذي لا يختلف كثيرا عن بيانات الفصائل واللجنة التنفيذية منتهية الصلاحية، بل وتشير المصادر انه حصيلة اتفاق بين ذات الفصائل التي تشارك في النكبة الفلسطينية المستمرة، واصاب غالبيتها العطل الفكري والسياسي والأخلاقي منذ زمن. عندما تشكلت القيادة الوطنية الموحدة نهاية العام 1988، كانت الشروط الموضوعية والذاتية مختلفة، كان لدينا منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات وفصائل لم تكشف عن عقم مقارباتها السياسية والتنظيمية والفكرية واستنادها الى جدار الحرب الباردة واندراجها في حلف ضد اخر. ولم نكن غرقنا في مستنقع سلطة وهمية تحت الاحتلال، اعد شركها ومصائدها الإسرائيلي بكل دهاء.
لقد جرت مياه كثيرة في النهر، ولا يمكن استعادة التجربة بهذه البنية والأدوات مرتين، لان المرة الثانية تكون أقرب الى المهزلة او المأساة. لدينا أدوات قراءة واستشعار معروفة للكشف عن استعدادات الشعب للسير خلف قيادة موحدة للانتفاضة، اجروا استطلاعا داخليا حقيقيا واحدا للراي العام، او كلفوا باحثا جادا واحدا لدراسة صفحة منسق الاحتلال لتدركوا حجم الكارثة والهوة الواسعة بين القيادة والشعب، طيب بلاش شغل العلم والأكاديميا، عاينوا وادرسوا حجم استجابة الناس للقضايا الوطنية الجامعة بما فيها الاسرى والقدس وصفقة القرن والتطبيع العربي ماذا تلاحظون.
الإنكار وتجاهل الشعب ومصالحه وحاجاته بات عقيدة سياسية لدى النخبة، والشعوب يا رعاكم الله لا تتحرك بكبسة زر، وفقا لرغبات او تصورات لا ترى الواقع كما هو. لقد نجح الاحتلال في هندسة الحالة الفلسطينية طيلة عقدين ويزيد ولا ابالغ في خلاصة ان الغالبية العظمى من الأوراق الداخلية الفلسطينية باتت بيد منسق سلطة الاحتلال ولا أحد غيره.
الخلاصة : مطلوب عمل كبير وجدي وتضحية بعدة شغل شاخت وتكلست، قبل الحديث عن استنهاض الشعب واستعادة ثقته بأي مشروع مهما كان سقفه.