نشر بتاريخ: 2020/09/07 ( آخر تحديث: 2020/09/07 الساعة: 04:16 )
د. يحيى المدهون

المواطنة الرقمية ضرورة عصرية

نشر بتاريخ: 2020/09/07 (آخر تحديث: 2020/09/07 الساعة: 04:16)

المواطنة سبيل الأمم نحو تحقيق الانتماء للوطن وترسيخ مبادئ الديمقراطية لتحقيق أقصى درجات من العدالة والمساواة والمشاركة وكذلك غرس القيم الوطنية في وجدان المواطنين؛ لتجسيد الوحدة الوطنية والحفاظ على تماسك المجتمع؛ ليبقى الوطن فوق كل الانتماءات والولاءات الجزئية المتعددة.

وبناء دولة المواطنة هي الطريق الوحيد لبناء دولة القانون والمساواة بعيدا عن الحزبية والعشائرية والطائفية لحماية حقوق المواطن وحرياته الأساسية وإيجاد المواطن المسؤول الواعي بحقوقه  والقادر على القيام بواجباته ومسئولياته.

ومع الانتشار الكبير للثورة التكنولوجية والاتصالية في العالم وفي مقدمتها شبكة الاتصال الدولية "الانترنت"، ظهرت المواطنة الرقمية التي تهتم بتنمية السلوك الإيجابي للمواطنين في البيئة الرقمية؛ والابتعاد عن سوء استخدام التكنولوجيا، والعمل على حمايتهم وتحصينهم من الأضرار الناجمة عن التجول والإبحار في الفضاء الرقمي.

وتسعى المواطنة الرقمية؛ لتكوين مواطن رقمي واعي ومستنير، يتفاعل بإيجابية مع محيطه الرقمي المحلي والعالمي، وقادر على ممارسة حقوقه الرقمية بوعي ومسؤولية وملتزم بحفظ حقوق الآخرين ويبتعد عن إيذائهم أو الإضرار بهم.

وقد اتفق الخبراء على تسعة مرتكزات تشكل محاور وعناصر للمواطنة الرقمية:

1. صلاحيات الوصول أو الدخول (النفاذ) الرقمية؛ لضمان فرص الوصول الرقمي المتكافئ للجميع بلا استثناء من خلال توفير شبكة انترت للجميع مثلا.

2. الاتصالات الرقمية المتعددة  أو "التبادل الإلكتروني للمعلومات"؛  لتوعية الأفراد باستخدام وسائل الاتصال المتاحة أمام الجميع، ومنها البريد الالكتروني والرسائل الفورية وغيرها ..

3. محو الأمية الرقمية أوالمعلوماتية؛ من خلال تعليم الأفراد وتدريبهم على استخدام التكنولوجية الحديثة بكفاءة وجدارة.

4. الحقوق والمسؤوليات الرقمية؛ التي يتمتع بها الجميع في العالم الرقمي مثل الخصوصية الرقمية وحرية التعبير؛ وكذلك عليه واجب ومسؤولية تلزمه احترام حرية الآخرين وخصوصياتهم، وتمنحه فرصة للمشاركة والتفاعل مع قضايا مجتمعه؛ لخلق مواطن رقمي منتج ومشارك وفعال.

5. اللياقة الرقمية "الاتيكيت الرقمي" أو الآداب الرقمية؛ لتوعية المواطن بالاستخدام اللائق للتكنولوجيا والالتزام بمعايير السلوك الرقمي الحسن؛ لإيجاد مواطن رقمي مسؤول ملتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والمصلحة العامة.

6. الأمن الرقمي؛ لتوعية المواطن بإجراءات الوقاية والحماية الإلكترونية؛ لتحصينه من الهجمات الإلكترونية وعمليات القرصنة.

7. التجارة الرقمية؛ لإيجاد مستهلك فعال في العالم الرقمي من خلال توعيته، بعمليات البيع والشراء عبر الإنترنت؛ لضمان التزامه بقواعد التجارة الرقمية ولحمايته من الوقوع في منزلقات الغش والخداع الإلكتروني.

8. القوانين الرقمية؛ لضبط استخدامات التكنولوجيا الرقمية المتعددة، من خلال توعية المواطن بأن التعدي على الآخرين وانتهاك حقوقهم وخصوصياتهم يمثل جريمة أمام القانون.

9. الصحة والسلامة الرقمية (النفسية والجسدية)؛ لتوعية الأفراد بأسس العناية من المخاطر التي يتعرضون لها أثناء استخدام التكنولوجيا.

وأخيرا نرى أن المواطنة الرقمية ضرورة عصرية ملحة، في ظل ما نشهده من تطور تكنولوجي هائل وتدفق كبير للمعلومات، حيث نسعى من خلال تعليم المواطنة الرقمية إلى غرس القيم والضوابط والمعايير والمهارات التي تزود المواطن بطرق وأساليب الاستخدام الآمن والفعال للتكنولوجيا الحديثة وبذلك نحمي أمن المجتمع من المخاطر ونحافظ على استقراره في ظل عالم سريع التغير ومستمر في التطور التقني.