نشر بتاريخ: 2020/09/01 ( آخر تحديث: 2020/09/01 الساعة: 06:09 )
بقلم: سيفر بلوتسكر

خــادم نــتــنــيــاهــو

نشر بتاريخ: 2020/09/01 (آخر تحديث: 2020/09/01 الساعة: 06:09)

شاؤول مريدور، قدوة الموظف المهني في الخدمة العامة، ترك، أمس، منصبه الرفيع في وزارة المالية كمسؤول عن الميزانيات. أسباب تركه عددها في رسالة طويلة لوزير المالية إسرائيل كاتس، رسالة صريحة وعلنية يفهم منها بوضوح أن سبب الترك الواحد والوحيد هو المرسل إليه، الوزير نفسه. يستقيل مريدور لأنه كسرته الصرخات، المناورات، التذاكيات، الفظاظة، الاحتقار للمهنيين والأحاديث بأسلوب أنا وبعدي الطوفان التي تميز حكم كاتس في المالية.

من ناحية كاتس، وزارة المالية هي المرحلة الأخيرة في خشبة القفز السياسية الطويلة التي اعتلاها تمهيدا للوصول الى رئاسة الوزراء – بعد بيبي بالطبع – ولا يمكن لأي قوانين، انظمة، تعليمات طوارئ، فتاوى قضائية وتقارير واستعراضات نقدية ومنمقة لموظفي وزارته يمكن لها ان تقف في طريقه الى القمة.

وكمن جاء الى المالية ليثبت ملاءمته السياسية لمنصب رئيس الوزراء التالي، يرى كاتس في الشريحة العليا لوزارته مجرد موظفين "انتفخوا بالأهمية الذاتية" و"سكروا بقوتهم" للتأثير على السياقات وتغييرها، او حتى للمنع التام لتنفيذ قرارات الوزير. ليس عندي، ليس في وزارتي، قال لهم كاتس؛ عندي أنتم بالإجمال منفذون تابعون لي. أنتم البراغي، انا الميكانيكي. نفذوا ارادتي، ولنعش بسلام. واذا لم تنفذوا – فاخرجوا.

لا يمكن الحديث فقط عن مواجهة بين الوزير كاتس وبين المحاسب العام الذي كان اول من ترك، المسؤول عن الميزانيات الذي يترك الآن ومسؤولون آخرون تساقطوا من القمة الواحد تلو الآخر. لا توجد هنا مواجهة افكار وآراء حول ما هو المرغوب وما هو غير المرغوب للاقتصاد وللمجتمع. توجد هنا نزعة قوة غير مخفية لسياسي مفعم بالطموح دخل وزارة المالية في دار الحكومة في القدس بنية مبيتة لأن يطير من اروقة الوزارة الاشخاص ذوي التفكير النقدي، العمود الفقري المهني، والاستقلالية التحليلية والمسؤولية. كوابح؟ توازنات؟ صغير على اسرائيل كاتس. فهو يندفع وعنده هذه إما هو أو هم.

لحظ كاتس الشخصي – السياسي، ولسوء حظ الدولة، فإن الحكومة الحالية ذات الرأسين تسمح له بأن يتحكم تحكما شبه مطلق بالمالية. فهذه حكومة لم تنجح في وضع ميزانية لسنتين، ولا لسنة، ولا حتى لنصف سنة. أيادي الوزراء ترتفع تلقائيا لإقرار نفقات بعشرات مليارات الشواكل دون ادراج الإقرارات في التشريع المتبع، دون الإشارة الى مصادر التمويل، دون البحث في الآثار في العموم اقتصادية والاقتصادية التفصيلية للخطوات المختلفة. والنفقات التي تصنف ككفاح دون "كورونا" تغلق بـ"علب" خارج الميزانية حجمها يزيد على 150 مليار شيكل. حكومة "تتدبر امرها" دون ميزانيات لا تحتاج الى مسؤول عن الميزانيات مثل الحكومة التي "تتدبر امرها" دون حسابات لا تحتاج الى محاسب. فهي لا تحتاج الا لصانعي علب. وفي هذه الوظيفة لا يوجد من يتفوق على اسرائيل كاتس.

ولكن كاتس مخطئ. في الربيع القادم، عندما سيكبح جماح الفيروس الفتاك ويخبو الفزع الصحي، ستنكشف امام عيون الجميع الاضرار الكبرى للقرارات التي اتخذها هو نفسه رغم أنف الاقتصاديين الكبار. نتائج الاستخفاف بالمشورات والتحذيرات المهنية سيتحملها مع شد على الاسنان كل مواطني اسرائيل ولكن ثمارها السياسية السامة سيأكلها كاتس وحده. هو الذي سيحاسب؛ عندما يتحول من ذخر الى عبء انتخابي لن يتردد نتنياهو في القائه تحت دواليب حافلة الانتخابات المندفعة. ولاؤه التام لن يجديه نفعا مثلما لم يجدِ احدا من خادمي بيبي الكثيرين.

شاؤول مريدور يعرف منذ بضعة اسابيع بأنه في الخارج؛ هناك تنتظره حياة مهنية. اما اسرائيل كاتس فلا يزال لا يعرف هذا، ولكن هو ايضا في الطريق الى الخارج، ولكنه لا تنتظره هناك حياة مهنية.

 

عن "يديعوت أحرونوت"