"حـــمـــاس" وإســـرائـــيــل: دائـــــرة يصـــعــــب كســــرهـــــــا
بقلم: عاموس غلبوع
"حـــمـــاس" وإســـرائـــيــل: دائـــــرة يصـــعــــب كســــرهـــــــا
منذ بداية آب شرعت «حماس» في عنف محدود تجاه إسرائيل، وذلك بعد نحو نصف سنة من الهدوء النسبي.
ووجد العنف المحدود تعبيره أساساً في إطلاق البالونات الحارقة بشكل يومي، وإطلاق صواريخ بين الحين والآخر، وأعمال إخلال قليلة بالنظام قرب الجدار.
لم ترد إسرائيل على الإطلاق في الأيام الأولى لإطلاق البالونات، وسمحت للحرائق بأن تعربد، ولسكان الغلاف بالاختناق بالدخان.
وبالتدريج بدأت ترد بشكل محدود، دون إلحاق خسائر بالأرواح في «حماس» وذلك بخلاف التصريحات الحازمة عن ضربات أليمة إذا لم تتوقف «حماس» عن إطلاق البالونات. وهي لم تتوقف.
أتذكرون كيف اتهم «أزرق أبيض» قبل الانتخابات حكومة نتنياهو بأنها تعطي خاوة لـ «حماس» كي تحسن سلوكها؟ والآن ينتظر بيني غانتس بعينين تعبتين هو وكل الحكومة أن تأتي قطر «بالخاوة» إلى القطاع، ما يدلنا على أن المشكلة التي تقف أمامها إسرائيل عند التصدي لعنف «حماس» لا ترتبط بهذا الحزب أو ذاك بل هي مشكلة دائمة وتضع المعضلات أمام أصحاب القرار.
ما الذي تريده «حماس»، الآن؟ أن تبتز من إسرائيل تنازلات، غير كبيرة، في المجالات الإنسانية والاقتصادية، بما في ذلك زيادة المساعدة المالية من قطر وضمانها لزمن طويل.
لهذا الغرض تجدها قبل كل شيء تتخذ ما تسمى «المقاومة الشعبية بالوسائل السلمية» - إطلاق البالونات.
وهي مستعدة لترتفع درجة حيال الهجمات الإسرائيلية «المحتملة»، وتنقيط نار الصواريخ دون تحمُّل المسؤولية، انطلاقاً من الافتراض بأنه من أجل هذا لن تتوجه إسرائيل إلى التصعيد، التي هي أيضاً غير معنية به.
وإذا ما سارت إسرائيل مع ذلك نحوه، فإن «حماس» مستعدة لتحتمل الضرر.
نشر «مركز معلومات الاستخبارات والإرهاب»، الأسبوع الماضي، مقالاً تحليلياً نُشر في موقع الأخبار لدى «حماس».
ينير هذا المقال العيون لفهم سياسة «حماس» والمعضلات التي تطرحها على إسرائيل.
ولتجسيد الفكرة نأتي بمقطعين: «رغم هذه التهديدات (الإسرائيلية) من الواضح أن ليس لإسرائيل مصلحة في جولة تصعيد شاملة، لأن أصحاب القرار في إسرائيل يفهمون أنهم في نهاية الجولة سيعودون إلى النقطة ذاتها.
وذلك إذا أخذنا بالحسبان بأن ليس للقطاع ما يخسره بسبب وضعه الإنساني والاقتصادي، وعليه فستضطر إسرائيل للعودة إلى تفاهمات التهدئة.
«توجد أسباب أخرى لعدم لجوء إسرائيل إلى الحرب: انعدام اليقين في الساحة الشمالية؛ اقتراب السنة الدراسية؛ انعدام جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية؛ تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في أعقاب تفشي كورونا».
ثمة نهج يقول: ينبغي الحديث مع حماس، ينبغي «رفع الحصار»، إعادة بناء القطاع مقابل تجريده، بناء ميناء ومطار، يا له من نهج جميل، باستثناء أنه ليس عملياً، و»حماس» تعود لترفضه باحتقار.
في سلسلة مقابلات صحافية وحملة إعلامية في أعقاب خطة القرن، شرحت «حماس»: عرضوا علينا 15 مليار دولار مقابل التجريد؛ هذا لن يكون أبداً، فأولويتنا العليا هي التعاظم العسكري والصراع ضد إسرائيل على حساب المقدرات لاحتياجات السكان.
هذا موقف أساسي لـ «حماس»، لباب أيديولوجيتها، وهو يفرض معاناة وفقراً على سكان القطاع وفي الوقت ذاته حياة قاسية على سكاننا في الغلاف.
وهذا موقف يستدعي من إسرائيل منع وصول السلاح. وعندها تصرخ «حماس» و»منظمات الحقوق»: ارفعوا الحصار! دائرة سحرية شيطانية.
عن «معاريف»