"منصة الفيلم الفلسطيني".. إطلالة سينمائية رقمية على العالم
يوسف الشايب
"منصة الفيلم الفلسطيني".. إطلالة سينمائية رقمية على العالم
الجميع كان تحت أثر صدمة انتشار فيروس كورونا بهذه الطريقة السريعة، ما جعل العالم في صدمة أننا سنبقى أسرى البيوت حتى إشعار آخر.. بالنسبة للفلسطينيين فإن تجربة منع التجول هي تجربة شبه يومية في التاريخ المعاصر، من الحصار الإسرائيلي العام 2002 الى منع التجول أيام الانتفاضة الأولى، وفعلياً قضى الفلسطينيون الفترة منذ العام 1948 الى 1967، وهم تحت قوانين الطوارئ الإسرائيلية.. هذا الواقع الفلسطيني ينعكس في كل الأفلام الفلسطينية تقريباً، ما جعلنا نعتقد ان مشاركة هذه الأفلام في هذا الوقت الذي يمر فيه العالم يجعل المشاهد أقرب فهماً، وأكثر إحساساً للتجربة الفلسطينية".. بهذه العبارات بدأت مي عودة، منسقة منصة الفيلم الفلسطيني، عضو اللجنة التحضيرية لمؤسسة الفيلم الفلسطيني، حديثها عن مبادرة "منصة الفيلم الفلسطيني"، والتي تعمم عبر موقع المؤسسة وصفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فيلماً فلسطينياً، كل أسبوع، بل توسعت مؤخراً لجهة استضافة مُخرج العمل في إطلالة عبر الواقع الافتراضي في الزمن الكورونيّ.
وقالت عودة: وجدنا في المؤسسة أنه حان الوقت للتعبير عن الشكر والتضامن مع شعوب العالم المحاصرة من خلال مشاركة تجربتنا الإنسانية، بالإضافة إلى قناعتنا بأن دور اي مؤسسة سينما وطنية هو دعم الجهد المحلي العالمي، بدفع الناس إلى البقاء في البيوت وتطبيق سياسة التباعد الاجتماعي، وفي ذات الوقت الاستفادة من مشاهدة محتوى ذي معنى وصلة بقضيتنا، ليس بالنسبة لمشاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني فقط، بل لكل الشعوب الصديقة.
وشددت عودة: الأولوية كانت لمساعدة الناس في عزلتهم، بتقديم أفلام فلسطينية ذات محتوى فني عالٍ.. كان الجميع في شوق لها، لغياب وقلة توزيعها في العالم العربي والعالم. بسبب العديد من العوامل، ما جعل من هذه المبادرة مناسِبة جداً لكسر هذه الفجوة، فبدل الذهاب إلى السينما لرؤية الفيلم، ذهب الفيلم الى الناس في بيوتهم من خلال "منصة الفيلم الفلسطيني"، وهذا بالطبع صنع جمهوراً جديداً للأفلام المستقلة والفلسطينية بشكل خاص، وبالطبع هذا المجهود جاء استكمالاً للعديد من منصات مهرجانات الفيلم الفلسطيني حول العالم، من تورونتو وبوسطن إلى باريس، ودبي، والدوحة، وأستراليا، والتي تعمل على توفير هذا المحتوى بأنواعه المختلفة من أفلام روائية ووثائقية، من أفلام تجريبية وافلام تحريك، قصيرة وطويلة، حيث نشهد طفرة في توزيع هذه الافلام في العالم الافتراضي، ما يدل على أن هذا المحتوى يلقى القبول عند المشاهد العربي والعالمي لعلاقته مع مواضيع العزل، والحجر، والأسر، والقهر، وفي ظل حالة البُعد الإجباري التي يعاني منها العالم أجمع.
وأكدت المنتجة والمخرجة الفلسطينية: بالتأكيد ان عالم ما قبل كورونا سيختلف عما بعده.. هناك العديد من الآثار السلبية بالنسبة للعاملين في القطاع السينمائي جراء تفشي الوباء وتداعياته، حيث إن إلغاء العديد من المهرجانات والعروض أثّر بشكل كبير خاصة على السينمائيين المستقلين، حيث يعتمد العديد منهم على حقوق العرض في مهرجانات ومناسبات سينمائية، سياسية، أو أكاديمية، ولكن التحول السريع إلى المنصات الافتراضية خلق فرص توزيع أخرى يمكن أن يستفيد منها الفيلم الفلسطيني وصُنّاعُه، وتساعد في تجاوز عتبة منصات العرض التقليدية من دور العرض السينمائي والتلفزيون إلى عالم أوسع ويمكنه الوصول إلى جمهور أكبر، بطبيعة الحال، من جمهور المهرجانات العربية والعالمية. نسب المشاهدة العالية للأفلام على المنصة (أكثر من ١٠ آلاف مشاهدة للفيلم) تعكس حالة مختلفة من التوزيع والتي على صناع السينما الفلسطينيين أخذُها بعين الاعتبار عند إنتاج الأفلام في المستقبل.
وعن آلية اختيار الأفلام، أجابت عودة: عملت المؤسسة منذ بداية الازمة على مسح سريع لما هو متواجد في العالم الافتراضي، ونوعية الأفلام المتوفرة، وبعد التشاور مع عديد الموزعين ومبرمجي المهرجانات، تبين أن هناك حاجةً لتأمين حقوق العرض للأفلام التي يصعب الحصول عليها عادة، إما لعدم توفر نُسَخ عرض مناسبة، أو لصعوبة تأمين الحقوق من الموزعين لعدة أسباب، فعملت المؤسسة على قائمة من الأفلام لتوفيرها على "منصة الفيلم الفلسطيني"، حيث يتم عرض فيلم واحد لأسبوع وبشكل مجاني، ما يتيح مشاهدتها للجمهور الفلسطيني والعربي ومشاركتها على المنصات الأُخرى حول العالم للمساهمة في صمود الناس لحين مرور هذه الأزمة العالمية.
وحول ما إذا كانت هذه المنصة ستتواصل ما بعد الجائحة، ختمت عودة: حسب إرشادات منظمة الصحة الدولية، فإن أي عروض سينمائية لن تكون متاحة قبل شهر أيلول من هذا العام، ولذا عمِل طاقم المؤسسة في هذا الإطار، وتم برمجة الأفلام حتى نهاية شهر آب.. يمكن التفكير باستمرارِ عملِ المنصة حسب تطورات الوباء وتعليمات السلامة في ذلك الوقت، لكن بالأساس نأمل ان نتخطى مرحلة الوباء، وأن يكون الجميع بصحة وعافية.