نشر بتاريخ: 2018/01/14 ( آخر تحديث: 2018/01/14 الساعة: 08:55 )
عدلي صادق

انعقاد المجلس المركزي

نشر بتاريخ: 2018/01/14 (آخر تحديث: 2018/01/14 الساعة: 08:55)

أحسنت حركتا حماس والجهاد صنعاً، بالامتناع عن حضور هَمروجة المجلس المركزي، ما لم يجتمع الإطار الفلسطيني القيادي، لكي يتم التوافق على الوجهة ويقرر السياسات على الصعيدين الداخلي والخارجي. فليس الأمر مثلما يقول البعض، أن المشاركة تتيح الفرصة لتحسين جودة المنتوج. ففي السنوات التي ظلت فيها القوى الفصائلية تشارك وتساير، كانت هناك مساحات تتحرك فيها على الأرض، في السياسة وفي المقاومة، لكن الفصائل اليوم، لا تملك مثل هذه المساحات، إذ لم يتبق لها سوى أن تؤسس لنفسها موضعاً في السياسة، لا أن تظل تلعب دور الكومبارس الذي لعبته منذ بدء تطبيقات أوسلو. فأوسلو نفسها لم تعد قائمة، وقد عدنا جميعاً الى المربع الأول!

بخلاف ذلك، كان الدور الحاسم، الذي لعبته حركة فتح الموحدة التي يزهو كل كادر منها بمكانه ويلقى احترامه، قد أتيح لها عندما كانت تقاوم وتستقطب التأييد الشعبي. اليوم لم تعد فتح قادرة حتى على أخذ دورها الطليعي في مقاومة شعبية، وتحولت قياداتها المتنفذة الى بارونات ذات ياقات أنيقة بيضاء ومُنشّاة، وهي عالة على الحركة وعلى المقدرات الفلسطينية، وتباعدت المسافات بينها وبين قاعدتها الاجتماعية، وغدت متفرقة بعدة أشكال، لا تقتصر على التيار الإصلاحي الذي اختار المجاهرة بوضع النقاط على الحروف. فهناك المهمّشون، والمنسيون، ومن جرى إقصاؤهم، والمقطوعة رواتبهم حتى التقاعدية، وحتى النواب الذين انتخبهم شعبه، فيهم المفصولون ومنهم الممنوعون من السفر، بل إن المناضلين المعتقلين من الكادرات القيادية، أصبحوا بلا ظهير، وأمامنا محنة القائد الوطني الفتحاوي مروان البرغوثي، الذي يُستهدف حتى عندما يعلن ويقود إضراباً عن الطعام، لتحسين شروط حياة الأسرى والذود عن كرامتهم وعن حقوقهم الإنسانية!

المتفرجون على هذه الحال الرديئة، رأوا كل شيء وسمعوا كل الحكايات وتابعوا كل الممارسات، وأصبحت خبراتهم تؤهلهم لأن يتوقفوا عن مسايرة الهراء، وأن يوحدوا جهودهم لانتزاع حق الطبقة السياسية والنضالية، في أخذ دورها الوازن في العمل الوطني. لذا فإن انعقاد المجلس المركزي، الذي ينتهي بتوصيات، لن يكون مُجدياً، بل سيكون معادلاً موضوعياً لشهادة الزور، طالما ظل القطع بين هذا المنتدى والشخص الذي يقرر وينفذ. فليس أكثر بؤساً من مؤسسة تمتلك حق اتخاذ القرار والمطالبة بتنفيذه تحت طائلة رفع الغطاء عن معرقلي التنفيذ، ثم تراها تموء كالقطط وتقول إنها ستوصي، دون أية ضمانات لتنفيذ التوصيات!

لهذا السبب، دعت حركتا حماس والجهاد، الى اجتماع للهيئة القيادية التي اتُفق على تشكيلها، لكي تتخذ قرارات ملزمة. فالهيئة يُفترض أنها جسم مؤقت في غياب الإرادة الشعبية، يساعد الجسم المترهل لإطاري المجلس الوطني والمجلس الوسيط بينه وبين اللجنة التنفيذية على تكريس مبدأ المشاركة، بعد أن فشلت سياسات التفرد واجتهاداتها الخاطئة، وبات رئيس جهاز مخابرات عباس يرد سلباً على قرارات المجلس المركزي في يوم صدوره، كأنما هو الذي بمقدوره انتشال الزير من البئر، مثلما فعل في مارس 2015!

لقد باتت الفصائل والقوى كلها على المحك. وما النص الذي تسرب عن توصيات مقترحة، إلا كلاماً إنشائياً فضفاضاً، يخلو من التعيين التفصيلي للتدابير الإجرائية، سواء كان ذلك على صعيد المصالحة أو المواجهة الشجاعة لقرارات الرئيس الأميركي، أو على صعيد إعادة اللُحمة لأطياف العمل الوطني!    

كان يتوجب انعقاد المجلس المركزي، بعد أسبوع واحد من قرار ترامب، وأن يكون على جدول أعماله، بند واحد، وهو مناقشة سبل انعقاد البرلمان الفلسطيني في المنفى، لوضع السياسات الداخلية والخارجية، وتحديد مواعيد تجديد الأطر، وحسم الخيارات. لكن اللجنة التنفيذية المصغرة، ظلت تتوسل اجتماعاً حتى من النوع الذي يحسم فيه عباس كل شيء ويضبط لغته. إن هذا هو الواقع الذي يجعل استنكاف الحركتين عن المشاركة في اجتماع يوصي ولا يقرر، واجباً تحتمه طبيعة البُنية المهشمة، التي يصر عباس على بقائها!