"التعليم" شوكة في حلق الاحتلال..
خاص|| إسرائيل تتعمد هدم المدارس الفلسطينية لقتل الوعي وطمس الهوية
خاص|| إسرائيل تتعمد هدم المدارس الفلسطينية لقتل الوعي وطمس الهوية
غزة - مشير حمودة: يعاني الشعب الفلسطيني على مدار 70عاما، من انتهاكات الاحتلال، والتي شملت مختلف المناحي، حتى امتدت إلى التعليم، ذلك القطاع الذي يمثل أهميةً كبرى لدى كل شعوب الأرض، ومن هنا عمد الاحتلال إلى هدم المدارس واستهداف الطلاب واستبدال المناهج التعليمية، في محاولة لطمس الهوية وسد أي بابٍ للتنوير.
وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، والأمين العام للتجمع الوطني المسيحي في القدس دمتري دلياني، في تصريحات لـ"الكوفية"، إن الاحتلال يسعى بشتى الطرق لخلق بيئة طاردة للمقدسيين وإحلال المستوطنين بدلاً منهم، وللاحتلال عقلية وأيديولوجية تملؤها الكراهية بحق الشعب الفلسطيني. وأضاف دلياني، أن الاحتلال يعمل على سياسة التجهيل في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ عدد المدارس التي تم هدمها بالكامل بين عامي 2016 و2018، خمس عشرة مدرسة، بخلاف عدة مدارس تم استهدافها بالقصف والاقتحام والإغلاق ومصادرة محتوياتها، وأشار إلى أن الاحتلال يسيطر على 80 % إدارياً وأمنياً في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ولا يسمح ببناء المداس ولا يعطي تصاريح للبناء.
وقال دلياني، إن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ليس لها أي سلطة على المدارس في القدس سوى توزيع المنهاج على المدارس الأهلية ومدارس الأوقاف، كانت هناك محاولات في السابق لشراء مبانٍ وتحويلها إلى مدارس أهلية بدعم وتمويل من السلطة الفلسطينية لكنها توقفت منذ زمن بعيد، ولم يعد أحد يتحدث عنها، جراء عدم قدرة السلطة في رام الله على القيام بواجباتها تجاه القدس والمقدسيين.
وترفض إسرائيل، على الدوام، منح الفلسطينيين تصاريح لبناء مدارس في الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث يسيطر الاحتلال على 60 %، من الأراضي في مناطق "ج" بموجب اتفاقية أوسلوعام 1993، وفي المقابل يسهل بناء المدارس للمستوطنين، ما يعد تمييزا وانتهاكا لحقوق الأطفال، وتبرر إسرائيل هدمها وإغلاقها للمدارس وتحويلها لثكنات عسكرية وغيرها من الممتلكات الفلسطينية هناك، على أنها بنيت بدون تصاريح من الجيش، لا لأسباب أمنية.
سيطرة الاحتلال على التعليم
منذ سيطرته الكاملة على الأراضي الفلسطينية عام 1967، أخضع الاحتلال الإسرائيلي، قطاع التعليم لسياسة التجهيل حتى وصلت نسبة التسرب الدراسي لدى الطلبة الفلسطينيين في ثمانينيات القرن الماضي إلى النصف تقريبًا، مما شكّل تهديدًا لمستقبل الشعب الفلسطيني.
وقد اتخذ الاحتلال، عدة أساليب وصولًا لتلك النتيجة، منها منع التعليم من القيام بدوره في المساهمة الفاعلة في التنمية، عبر حرمان القائمين على نظام التعليم من الاحتكاك بالعالم الخارجي، والتعاون مع المجتمع الدولي، بما يعرقل تقدمهم على المستوى المهني والأكاديمي، كما عمد الاحتلال إلى خفض الموازنات الخاصة بقطاع التعليم، وممارسة سياسات الإغلاق بحق المراكز التعليمية.
كان للقدس النصيب الأكبر من سياسات التهويد وإغلاق وهدم المدارس، وتغيير المناهج وإغلاق مديرية التربية والتعليم واعتقال مديرها، وسلخها عن تاريخها الحضاري والإنساني، إلا أن كل هذه الإجراءت قوبلت برفض فلسطيني.
انتهاكات مستمرة
كشفت وزارة التعليم الفلسطينية، أن قرابة الربع مليون طالبٍ وطالبة وما يقارب الـ1500 معلم ومعلمة، تعرضوا للاعتداء ما بين شهداء، ومصابين، ومعتقلين.
وقال وزير التربية والتعليم الدكتوري صبري صيدم، إن 299 طالبا و30 معلمًا معتقلون فضلًا عن قيام الاحتلال بهدم 8669 حصة تعليمية، أضف إلى ذلك ما تضمنه القرار الأخير لما يسمى "المحكمة العليا الإسرائيلية"، من هدم قرية الخان الأحمر الواقعة في القدس الشرقية، وهدم المدرسة الوحيدة بها، والمعروفة بمدرسة "الإطارات"، التي تخدم 170 طالبًا وطالبة، من خمس تجمعات محيطة.
وهدمت جرافات الاحتلال في مخيم شعفاط عدة مبانٍ، ومدرسة الرازي بعد محاصرتها، وإخراج الطلاب، والمعلمين منها، بحجة البناء بدون ترخيص.
وأيضا هدم الاحتلال سور مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، مما حرم 22 ألف طالب وطالبة من الانتظام في مدارسهم.
ويصل عدد المدارس بالقدس المحتلة إلى 120 مدرسة، تضم 100 ألف طالب وطالبة وتشرف إسرائيل على نحو 54 مدرسة منها.
مليارا شيقل لفرض المنهاج الإسرائيلي
ومع بداية العام الدراسي الجديد، كشف مدير عام التربية والتعليم في القدس المحتلة سمير جبريل، أن السلطات الإسرائيلية خصصت موازنة إضافية بقيمة "ملياري" شيقل لتمويل تدريس المنهاج الإسرائيلي للطلبة المقدسيين، ولدعم النشاطات اللامنهجية، التي تعمل على ترغيبهم للتعاطي معه، إضافة لتخصيص جزء من هذا المبلغ الضخم لإعداد الأبحاث التشكيكية في كل المنهاج الفلسطيني، في الوقت الذي لا يتم فيه إنفاق أي مبلغ على تطوير المدارس التي تدرّس المنهاج الفلسطيني.
وأضاف جبريل، أن المنهاج الإسرائيلي يركز على تشويه ذاكرة الطالب الفلسطيني، ويهودية الدولة، وعلى نظام الحكم في إسرائيل، وعلى المسميات الإسرائيلية للشوارع، والمناطق المختلفة في القدس، ويتجاهل كليًا الوجود العربي الفلسطيني على هذه الأرض، وأن أخطر المواد التي يتم تدريسها، التنشئة ومدنيات إسرائيل التي تدرس نظام الحكم وأسماء رؤساء الاحتلال.
وفي تصريح خاص لـ"الكوفية"، قال المحامي والناشط الحقوقي صلاح عبد العاطي، إن الاحتلال الإسرائيلي يرتكب انتهاكات جسيمة في الأراضي الفلسطينية عامة والقدس خاصة، بهدف تجهيل الفلسطينيين ومنعهم من ممارسة حقوقهم، بفرض خلق بيئة معقدة يصعب الحياه فيها، سواء من فرض الضرائب أوهدم البيوت والممتلكات العامة والخاصة والمدارس والمؤسسات التعليمية، ومنع الطلاب من التعليم من خلال الاعتقال، وصعوبة الوصول إلي مدارسهم من خلال الحواجز وجدار الفصل العنصري.
وأضاف، أن الاحتلال يرتكب جرائم حرب جسيمة بحق الفلسطينيين ويمنع عنهم حقوقهم المحمية بموجب أحكام اتفاقية جنيف الرابعة، وقواعد القانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان الذي يحمي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.
وطالب عبد العاطي، منظمة اليونسكو باتخاذ المقتضيات الحقوقية المطلوبة والقيام بواجباتها القانونية لحماية الحق في التعليم، لضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقة عبر إنهاء الاحتلال ووقف جرائمه المتكررة بحق الشعب الفلسطيني، من بينها الانتهاكات التي تتعرض لها المؤسسات التعليمية المدارس والجامعات.
ومنذ عام 1948، يعاني الشعب الفلسطيني من كافة أشكال الإرهاب الإسرائيلي، التي تستهدف المؤسسات التعليمية، وطمس الهوية الفلسطينية حتى لا يخرج جيل فلسطيني متعلم يؤمن بعدالة قضيته، ويدافع عنها ويفضح جرائم الاحتلال.