خطوة حماس الهروبية في بلدية غزة...أفضل!
حسن عصفور
خطوة حماس الهروبية في بلدية غزة...أفضل!
في مسار يبدو انه غير متسق مع "تطورات المشهد السياسي العام"، خاصة ما يسمى "إعلان القيادة" بوقف العمل بالاتفاقات مع إسرائيل، أقدمت حركة حماس على القيام بمسلسل جديد، لتعزيز سلطتها في قطاع غزة، تغييرات موسعة في جهازها "السلطوي" الأمني والمدني، في رسالة أنها لا تفكر بغيرها، وما تريده ليس سوى أن تكون "قبضتها" هي الأعلى.
لن نقف كثيرا أمام تفاصيل تلك التغييرات، ولكن الأهم الذي ثار "جدلا" هو قيامها بتعيين رئيس لبلدية غزة، بطريقة "انتخابية طريفة" وغريبة عن الحال الفلسطيني، حيث قامت أجهزتها الأمنية – الدعوية (باعتبارها من يقرر) بتعيين جسم خاص، أسمته "المجمع الانتخابي"، وهي فكرة يبدو ان بعضهم استنبطها من الطريقة الحزبية الأمريكية في الانتخابات.
"المجمع الانتخابي" وفقا لحماس، هو جسم تمثيلي لهيئات ومؤسسات وشخصيات، بالتأكيد، جميعها ينال رضا الأمن الحمساوي، وقبلهم "إمراء المساجد"، الهيئة التي لها اليد الطولى في تزكية أبناء القطاع لأي منصب كان، فمن لا يرضى عنه "أمير الجامع" في منطقته لا مكان له في الوظيفة العامة.
القاعدة الانتخابية الحمساوية الطريفة، بالقطع عمل لا صلة له بالديمقراطية، لا من قريب ولا من بعيد، وهي "حالة كوميدية" تضاف لكل ما هو هزلي في المشهد الفلسطيني العام، وتكرس ان الحزب الحاكم، في بقايا الوطن بجناحيه، يتصرف وكأنه "المالك العام"، ما دامت "القوة الأمنية هي الحل".
كان لحماس، لو أن نواياها وطنية بامتياز، ان تعرض الأمر بشكل علني في سياق الأطر الوطنية المشتركة، وتترك لها حرية القرار في اختيار شكل تعيين رئيس بلدية غزة، من أجل التطوير وتحسين الخدمات، خاصة وأن هناك مؤشرات عدة على سوء العمل فيها، الى جانب ما يشار من استغلال نفوذ لتمرير مصالح خاصة، حزبية أو شخصية.
ولأن "ثقافة حماس غير ديمقراطية" وترفض فكرة "الشراكة الحقيقية"، لجأت الى فرض نمطها الخاص، وتصر على أنه "أسلوب ديمقراطي"، ولكن الحقيقة الأبرز هي أن الأجهزة الأمنية الحمساوية، قدمت نصيحتها للقيادة السياسية للحركة، ان أي انتخابات في القطاع ضمن الواقع القائم، سيؤدي الى هزيمة قاسية لمرشحيها، ما سيضعها امام خيارين، تزوير النتائج وتلك فضيحة لن تمر مرورا عابرا، او القبول بالنتائج وتلك "كارثة شعبية" في ظل الادعاء بأنها الحركة الأقوى.
وهروبا من ذلك، لجأت الى "الشكل الكوميدي" في الاختيار، وتخيلوا أن هذا الهروب من هزيمة محققة، يحمل جوانب إيجابية، حيث لو جرت انتخابات بلدية، فذلك يتطلب موافقة لجنة الانتخابات المركزية (لجنة حنا ناصر)، وأيضا إشراف وزارة الحكم المحلي والبلديات، وهنا ستبدأ "معضلة" أي وزارة هي صاحبة الحق، هل هي "وزارة حماس" أم وزارة رام الله، وبالتأكيد لجنة الانتخابات المركزية لن تعترف بوزارة حماس، والأخيرة لن تقبل بإشراف وزارة رام الله.
الحل الهروبي الحمساوي من الانتخابات ليس كله "شر سياسي"، بل ربما راهنا أقل ضررا وطنيا من البديل الديمقراطي".
رب ضارة نصف نافعة، ولكن ليس بحسن نية وطنية من حماس، فهو كان خيار الهروب من مواجهة الخيار الشعبي...ذلك الدرس الذي على قيادة الحركة أن تدركه جيدا، أن أهل القطاع ليسوا راضين بمنهجكم السلطوي!
ملاحظة: من سخريات منتجات قرار "وقف العمل" إياه المكرر للمرة العشرين، ان تقرأ لأحدهم أن لجنة المراجعة ستلتقي اليوم أو غدا...تصريح يكشف أن العشوائية هي السيد، والدجل السياسي هو المبدأ الناظم... شطور يا "حمودة"!
تنويه خاص: الحديث عن قرار رفع سن الزواج للمرأة الفلسطينية يستحق التقدير وفقا لمصائب الاستغلال السري للزواج المبكر القهر، فأسرعوا بسن القانون حماية للماجدات، فيبدو أن بلادنا تعيش "زمن المافيا العام"...