خاص بالفيديو|| الموت يكتب آخر فصول قصة نجاح ناصر البحيصي
خاص بالفيديو|| الموت يكتب آخر فصول قصة نجاح ناصر البحيصي
غزة – محمد عابد
لم يُكتب للشاب ناصر البحيصي أن يُكمل حلمه الذي طالما حلم به، وسعي لتحقيقه رغم مكوثه في مستشفي شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط القطاع، داخل غرفة صغيرة للغاية تعج بأجهزة العناية المشددة، وعلى سريرها يرقد ناصر منذ أن كان في مرحلة الطفولة حتى بلغ سن الخامسة والعشرين، تلك الغرفة التي أحاطت جدرانها شهادات التقدير المختلفة، والكتب الدراسية.
القدر لم يمهل "البحيصي" ليحتفل مع أصدقائه بالشكل الذي يليق بتخرجه من جامعة الأزهر يوم الخميس المنصرم 20 يونيو/ حزيران 2019، ولم يمهله القدر أن يحظى بالتواجد بين أقرانه وإخوانه كما وعدهم، حيث كان الموت أقرب إليه، وبدلًا من إتمام إجراءات الاحتفال، تجمع أصدقائه لحمل جثمانه إلى مثواه الأخير.
لقاء لم يكتمل
"الكوفية" كانت على موعد السبت الماضي، في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً، لزيارة الشاب ناصر البحيصي في المستشفي، ولكن حالت الأقدار دون ذلك، وبدلاً من إجراء حوار معه شاركت في جنازته.
إصابة في التاسعة من العمر
أصيب "البحيصي" خلال حادث عرضي وهو بالصف الثالث الابتدائي، رقد على إثره في المستشفي، ما جعله ينهي دراسته الإبتدائيه والإعدادية والثانوية والجامعية داخل أسوار المستشفى.
الإصابة أثرت على قلبه الذي كان يتوقف بشكل مستمر، الأمر الذي دفع الأطباء لإنعاشه أكثر من مرة، ولكنه أصيب يوم أمس بنوبة قوية نتيجة وجود التهاب شديد في صدره أثر على جهازه التنفسي، خلال النوبة ما أدي إلي وفاته".
والدة البحيصي، أكدت تعرض نجلها لحادث طرق أدي إلي إصابته بشلل رباعي وهو في الصف الثالث الابتدائي، ليصبح قعيدا في المستشفي من ذلك الوقت وحتى وفاته.
وأضافت أن الإصابة كانت حافزًا له وجهلته يرفع شعار "لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس"، وأكمل تعليمه في المستشفى، متابعة: "كل من عرفه أحبه، كان الله يرحمه بالرغم من مرضه يملأ حياتنا".
محب للحياة
والدة البحيصي قالت لـ"الكوفية"، " كل من عرف ناصر أحبه، كان دائما يطلب مني مسامحته، كنت أدعو الله أن يبقى حياً، لقد تعلمت من ناصر حب الحياة والصبر، كان ناصر رمزاً للعزيمة والإرادة".
خبر صادم
"الكوفية" التقت سمير البحيصي والد الفقيد ناصر، والذي قال، "كان خبر وفاة ناصر صادمًا لنا خصوصًا في هذا التوقيت، ونحن نستعد للاحتفال بتخرجه من الجامعة، لقد تركته في المستشفى قبل وفاته بثلاث دقائق، وبعدها تلقيت اتصالًا هاتفيًا أبلغوني فيه بنبأ وفاته".
عزم وإصرار
والد الفقيد أكد، أن "ناصر رحمه الله أصر على إكمال دراسته، وكان يحلم بدراسة الطب البشري، ولكن ظروف إصابته حالت دون ذلك، فالتحق بالجامعة في تخصص الشريعة وساعدناه جميعاً في الدراسة، وكان يتمتع بقدر عالٍ من الذكاء، ويوم الخميس الماضي تخرج في الجامعة بتقدير 82%، وحصل على منحة دراسية لإكمال دراسة الماجستير في الأزهر، ولكن القدر حال دون ذلك".
عاشق فلسطين
"البحيصي" أكد أن "ابنه كان دائما يرفع شعار المعاق ليس المعاق حركيا ولكنه من يستسلم لواقعه"، وكان يعشق فلسطين وحركة فتح، ويتابع أخبار قطاع غزة أولًا بأول، كان يسعد لما يسعد له الناس ويحزن لحزن شعبنا، كان دائم المزاح والابتسامة لا تفارق وجهه حتى وهو على النعش كان وجهه مبتسماً.
شهادة
"الكوفية" التقت محمد جمال البحيصي، مدرس الفقيد في كافة المراحل، حيث أكد أن "ناصر كان مثالاً للطالب المجتهد والمثابر منذ قرر إكمال الدراسة وحتى تخرجه يوم الخميس، وبمجرد انتهاء يوم الخميس بدأنا نفكر بالماجستير ومنحة جامعة الأزهر التي حصل عليها، وكان يصر على الحصول على الدكتوراة".
ويتابع محمد، "من خلال ملازمتي لناصر طيلة 13 عاماً نتج بيننا صداقة قوية جدا، لدرجة أنه حين توفي جده لم يجرؤ أحد على إبلاغه نبأ وفاته سوي أنا، وخلال حرب 2014 حين نجي ناصر من الموت بأعجوبة خلال قصف طائرات الاحتلال قسم العناية المشددة وخلال نقلنا إلي مستشفى الشفاء في غزة كان ناصر هو من يشد من أزرنا ويطمئن قلوبنا".
رحيل بطعم النجاح
رحل ناصر البحيصي ليسطر برحيله أخر فصول قصه نجاحه، قصة تحديه للإعاقة، ورفضه لهذا الواقع المر الأسود.. رحل ناصر وهو يخطط لدراسة الماجستير، لكن الموت كان أقرب، فليرحمك الله يا ناصر.