رجل مخابرات قطري شارك بالتحقيقات
تفاصيل جديدة تكشف مقتل الفلسطيني "زكي مبارك" على يد الاستخبارات التركية
تفاصيل جديدة تكشف مقتل الفلسطيني "زكي مبارك" على يد الاستخبارات التركية
لندن: كشفت مصادر مطلعة لـ"ميدل إيست افيرز"، عن وثائق ومستندات ومعلومات وصفت بالخطيرة، تتعلق بقضية مقتل الفلسطيني "زكي مبارك"، على يد السلطات التركية في أحد مراكز التوقيف التابعة لها بالعاصمة التركية أنقرة، أواخر أبريل/نيسان الماضي.
وذكر الموقع الغربي، المصادر أكدت أن المعلومات والوثائق تم نقلها بواسطة "ضابط رفيع المستوى بجهاز الإستخبارات التركية في إسطنبول"، والذي أكد بدوره التوصل لوجود خمس (ثغرات مريبة)، في التحقيق الذي جرى مع الفلسطيني "زكي مبارك"، بشكل يثير الشكوك حول إعتقاله والطريقة التي استجوب من خلالها.
وحسب الضابط، وهو الرجل الثاني في الاستخبارات التركية في إسطنبول، أكدت المصادر، "إجراء التحقيق مع مبارك، كان على (يد محققين وصلوا من مركز جهاز الإستخبارات العسكرية في أنقرة)، وهذا ما يخالف الإجراءات المتبعة في الجهاز، و"يشكل سابقة غير معهودة، حيث من المفترض قانونا أن يجري جهاز الاستخبارات في إسطنبول التحقيقات كاملة حيث مكان احتجاز مبارك، ثم تقديم إفادة الاستجواب إلى قيادة الجهاز في أنقرة".
وما أثار الشكوك لدى المسؤول الأمني هو "وجود شخص عربي بلكنة خليجية"، في كل مراحل التحقيق مع مبارك، مؤكدا "مشاركة العربي الخليجي في كل جولات الاستجواب، وفي تقديم إيضاحات عن الموقوف للمحققين الأتراك، كما أفاد المترجم المفوض من جهاز الاستخبارات لمتابعة التحقيقات، فيما تم التحفظ بشكل كامل على التحقيقات، ولم ترسل نسخة عنها إلى إدارة الجهاز في إسطنبول كما هو متبع، وفقا للأصول المتبعة والمعمول بها".
وأكد المصدر استخدام أشكال التعذيب بشكل مفرط للغاية بحق الفلسطيني مبارك، وبأساليب غير متبعة ومعهودة لدى محققي جهاز الاستخبارات، في الوقت الذي تم "استبدال أوراق التحقيقات مرتين، وفي مرة كان يتم إتلاف نسخة التحقيقات السابقة، علما أن الأصول المتبعة تفرض على الجهاز الاحتفاظ بجميع نسخ التحقيقات، حتى في حال استبدال الموقوف أقواله من أجل المقارنة بين جولات التحقيق للوصول إلى استخلاص الحقائق".
وأكد المصدر، لجوء الضابط الرفيع إلى متابعة قضية مبارك بشكل موسع في ظل الثغرات الغريبة، فتم "استدعاء المترجم ومساءلته بجانب فريق أمن الحراسة والممرضين، وكل من كان على صلة بعلمية التحقيق مع القتيل مبارك، في إسطنبول".
وتابع، "أنه بعد مقاطعة أقوالهم والاطلاع على مسار التحقيق من المترجم، تبين أن هناك لغزا كبيرا وغامضا وراء مقتل المواطن الفلسطيني على يد الأمن التركي، حيث تبين أن الشخص العربي (قطري الجنسية)، وأنه شخص واحد من شبكة قطرية استدرجت زكي ورفيقه المعتقل إلى الآن (سامر سميح شعبان)، بعدما أوهمتهما، بأنها شبكة مالية عربية، تؤمن فرص استثمار مربحة للشباب العربي في تركيا من دون الحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة.
وأضاف المصدر، بعد التواصل معهما، وقع الاختيار على زكي، بوصفه قابلا للتعامل معها، فقامت المخابرات التركية بـ"اعتقال مبارك وشعبان"، ليقوم القطري بـ"زيارة مبارك، وإقناعه بأن وضعه صعب للغاية، وأنه يتوجب عليه من أجل الخروج من ورطته، (الإدلاء بمعلومات حول وجود خلية عمل إماراتية يقودها دحلان شاركت في التخطيط لاغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي)، طالبا منه الادعاء على نفسه حضور اجتماعين للخلية، والتي تكمن مهمتها في جمع المعلومات بعد الجريمة، وأنه انشق وسلم نفسه للاستخبارات التركية، وقدم له وعودا بمبالغ مالية كبيرة وجنسية تركية".
وأكد المصدر، قيام مبارك، بعدما مثل أمام المحققين الأتراك بـ"الكشف عن حقيقة رجل المخابرات القطري الذي حضر التحقيق، وأنكر أي علاقة له بـ(المخابرات الإماراتية أو بدحلان)، كما نفى أي صلة له أو معرفة بتفاصيل قضية خاشقجي، معتقدا أن المحققين الأتراك سيقدمون له الحماية المطلوبة، لكنه فوجئ بردة فعل عنيفة من المحققين واتهموه بالكذب وتغيير إفادته، حيث أطلعوه على افادة لم يدل بها أصلا، فأنكر أي صلة له بالإفادة المزعومة".
وتابع المصدر، بعد سلسلة من التحقيقات والضغوط "تم الاتفاق على التخلص من زكي، كونهم لا يمكن أن يحاكموه بأي تهمة في ظل انكاره لكل ما أرادوا منه قوله، كما يستحيل إطلاق سراحه للأنه سيفضح عملية التلاعب بالتحقيقات بقضية خاشقجي، وسيكشف عن مسلسل ما تعرض له على يد الاستخبارات التركية ورجل المخابرات القطري، الأمر الذي سيعرض الرواية التركية للضياع برمتها، وستفقد حتى الأدلة الصلبة الموجودة وقيمتها ومصداقيتها تركيا ودوليا، وبناء عليه تم إرسال مجموعة من جهاز الاستخبارات في أنقرة قوامها ( 3 ) أشخاص، تولت عملية شنق مبارك بعد تخديره، لكي لا تبدو عليه آثار مقاومة أو عراك".
وتضيف المصادر، أن الضابط المذكور جهز ملفا كاملا للقضية وتحفظ على التحقيقات وأودع نسخة منها لدى المصدر، ولم يكاشف قيادة الجهاز أو أي مسؤول بالأمر لقناعته بوجود تورط بالقضية على أرفع المستويات ولكنه فوجئ بعد مرور شهرين بعمليات تضييق ومساءلة غير مبررة له".
ولجأ الضابط المذكور، حسب المصدر، إلى رئيس جهاز الاستخبارات "حقان فيدان"، مشتكيا من تضييق أنقرة عليه ومحاصرته بملاحقات وتفاصيل غريبة، فـ"كاشفه فيدان، بأن الجهاز لديه شكوك حول ضلوعه بتحقيقات حول مقتل الفلسطيني زكي مبارك، دون تكليف رسمي من القيادة"، فأكد الضابط أن ما قام به هو مجرد إجراءات روتينية لم تنته إلى أي نتيجة، وأنه قام بإغلاق التحقيق بطريقة روتينية وشكلية"، ما دعا الضابط إلى إرسال الملف الكامل إلى خارج تركيا، مع رجل أعمال تربطه به قرابة مصاهرة.
ويصر رجل الأعمال، حسب المصدر، على الاحتفاظ بكل الوثائق والمستندات التي بحوزته، مهددًا بكشفها في حال تعرض الضابط أو أي من أفراد عائلته لأي مكروه، حتى لو كان حادثا عرضيا، معتبرا أن إدلاءه بهذه المعلومات هو جرس إنذار للسلطات التركية التي يبدو أنها بدأت عملية تضييق كبيرة على الضابط، فيما يبدو أنه تمهيد لتصفيته.