نشر بتاريخ: 2019/05/23 ( آخر تحديث: 2019/05/23 الساعة: 14:11 )

خاص بالفيديو|| «شحادة».. مأساة أسرة تواجه الحياة من داخل كرافان

نشر بتاريخ: 2019/05/23 (آخر تحديث: 2019/05/23 الساعة: 14:11)

الكوفية – محمد عابد

علي مقربة من حدود قطاع غزة، تحديدا في منطقة المصدر، وسط قطاع غزة، تسكن عائلة كامليا شحادة، منذ قرابة الخمسون عاماً، في منزل إسبستي صغير للغاية، شرفة هذا المنزل تطل علي الشريط الحدودي مباشرة، حين جاءت حرب عام 2014، لتدمر المنازل والمباني، وتقتلع الحجر والشجر، لم يسلم من تلك الحرب شيء أو أحد سواء كان صغيراً أو كبيراً، لتترك تلك الحرب خلفها كم هائل من الدمار، وعدد كبير من الشهداء، لتعيد  إلي الأذهان مشاهد التهجير القسري الذي تعرض له الفلسطينيين، ولم تقف معاناة الفلسطيني عند تلك الحرب، فالأصعب من الحرب هو المأساة التي تتركها خلفها تلك الحروب.

شاهدة على قذارة المحتل

كامليا شحادة شاهدة على قذارة المحتل الإسرائيلي، وتواطؤ المسئولين الحكوميين، أكدت في حديث لـ"الكوفية" كيف كانت ضحية لوكالة الغوث ولم يساندها أحد من قادة هذا الوطن.

السيدة "أبو شحادة" قالت إنها تسكن داخل كرافان، أصبح بالفعل منزلها الذي يأويها مع عائلتها، ويبدو أن إقامتها داخله ستطول بعدما خذلها المسؤولين.

"شحادة" قالت لـ"الكوفية": "سكنت عائلتنا هذه المنطقة منذ خمسين عاماً، كبرنا هنا وتربينا هنا،  قضينا أجمل لحظات العمر هنا، إلي أن جاءت حرب عام 2014، لتأخذ منزلنا.. لنجد أنفسنا أنا وأختي الأصغر ووالدتي المقعدة بلا مأوي.

يوم مظلم

يوم مظلم.. هكذا قالت السيدة "شحادة"، متذكرة حين جاءها اتصال علي هاتفها يطالبها مع جيرانها بإخلاء المنطقة بشكل كامل خلال ساعات، تمهيداً لاجتياح بري للمنطقة، ليهرب السكان من تلك المنطقة، تاركين خلفهم ذكرياتهم الجميلة، وأغراضهم وملابسهم،  وكراسات أطفالهم، وألعابهم، تاركين خلفهم أحلام الطفولة وذكريات الشباب، متجهين إلي مدارس وكالة الغوث في مشهد أعاد إلي الأذهان مشهد النكبة ولكنها عام 2014.

وأضافت: اتجهنا إلى مدارس وكالة الغوث في منطقة المغازي، وقضينا هناك نصف يوم، وبعدها فوجئنا بتعرض المدرسة للقصف الإسرائيلي، وتم نقل كافة النازحين إلي مدرسة أخري أيضا تتبع وكالة الغوث وأيضا جاء لتلك المدرسة إنذار بضرورة الإخلاء، وتم نقل الجميع إلي مدرسة في وسط مخيم النصيرات، وبدأت رحلة السير على الأقدام من وسط مخيم المغازي إلي النصيرات، لنقضي هناك شهر ونصف الشهر، إلي أن تم استهداف مبني بجانب تلك المدرسة ليتم نقلنا إلي مدرسة أخري، ومن ثم قررت الوكالة عودتنا إلي مخيم المغازى، بعد أخذ ضمانات بعدم المساس بالمدارس، لم نشعر للحظة واحدة بأي شكل من أشكال الأمن والأمان، كان الشعور المسيطر علينا جميعا هو الخوف، لأن الطيران يقصف كل مكان".

كومة تراب

وتضيف "شحادة" لـ"الكوفية" بنبرة صوت يملاها الألم والوجع:"حين تم الإعلان عن هدنة إنسانية، قررت التوجه لمنزلنا لتفقده، وجلب بعض الأغراض، وحين وصلت هناك وجدت المنزل تحول لكومة من التراب، وتقف فوقه دبابة تابعى للاحتلال، في مشهد أصابني بصدمة لا زالت مرسومة في مخيلتي حتى اليوم، مشهد تجريف المنازل، والأراضي الزراعية، لم يبق شيء،  المنطقة بأكملها تم مسحها عن خارطة الوطن".

وأردفت: "حين انتهت الحرب قررت وكالة الغوث إخلاء المدارس ليتسن للطلاب العودة إلي الدراسة، وطالبونا باستئجار منزل لنسكن فيه، وقامت وكالة الغوث بتسديد مبلغ بدل إيجار،  وقامت الوكالة بصرف مبلغ 800 دولار بدل إيجار لنا، وهو المبلغ الوحيد الذي حصلت عليه، من وكالة الغوث ومن أي جهة".

كمين الكرافان

بعد انتهاء الحرب بعدة أيام تواصلت معنا مؤسسة بيادر في خانيونس جنوب القطاع، وتم الاتفاق معنا علي منحنا كرافان، ليصبح مأوي لنا، ولا علاقة لهذا الكرافان بمساعدات وكالة الغوث أو مساعدات وزارة الأشغال الفلسطينية.

وتضيف السيدة "شحادة": "أخبرونا حينها أن الحصول على الكرفان لا يفقدنا حقنا في الحصول علي سكن جديد بدل الذي تم تدميره، وسرعان ما وافقنا علي ذلك العرض، خاصة وأننا أسرة فقيرة، نعيش على راتب الشئون الاجتماعية، والدتي مقعدة، ولا يوجد لنا سند سوى الله وحده،  قبلنا الكرافان والعيش فيه على أمل أن يقينا برد الشتاء وحر الصيف، ولكن هذا الكرفان أصبح بمثابة لعنة علينا، فمساحة الكرافان 40 مترا،  في الصيف تصل درجة الحرارة داخلة للغليان، ولم يكن الكرافان قد تم سقفه، فقد قمت أنا بوضع شادر بلاستيكي علي سطح الكرافان، وفي الشتاء يكون كما الثلاجة، ناهيك عن دخول مياه الأمطار علينا وكذلك الحشرات والعقارب".

وعود كاذبة

تضيف السيدة "شحادة": "قمت بالتوجه إلي الوكالة والأشغال، وطالبتهم بضرورة حل أزمة منزلي وتعويضي عن ذلك المنزل، وتوجهت إلي وزارة الأشغال وطالبتهم بضرورة أخد الكرافان  لأنه غير مناسب للسكن بأي شكل كان، ولكن كان ردهم بسبب أن عدد أفراد الأسرة قليل فانه لا يحق لنا الحصول علي منزل في هذه المرحلة، ويجب أن أسكن الكرافان لحين وصول الدور لنا، ولم أخذ من الجميع سواء وكالة الغوث أو وزارة الأشغال سوي الوعود الكاذبة، فأنا لم ينصحني أحد بخصوص الكرافان، الوكالة تقول أنه يحق لي الحصول علي منزل والأشغال تقول نفس الكلام، ولكن الجميع يقول أنني الآن لدي مأوي وهو الكرافان وعلينا الانتظار لحين الشروع في بناء منزل لنا بدلا من المنزل المدمر، وكأنني أنادي في صحراء قاحلة لا أحد يسمع صوتي".

مناشدة للمسؤولين

وناشدت السيدة "شحادة" في نهاية حديثها لـ"الكوفية" كافة المسئولين بضرورة العمل علي حل مشكلات المواطنين الذي هدمت منازلهم خلال الحروب والاعتداءات الإسرائيلية علي قطاع غزة، مؤكدة أنهم في أمس الحاجة للحصول على منازل تؤويهم من حر الصيف وبرد الشتاء، ولم يعد من المقبول أن يبقي المواطن يترجي المسئولين للحصول على حقه في الحياة.