نشر بتاريخ: 2019/05/08 ( آخر تحديث: 2019/05/08 الساعة: 01:40 )
حسن عصفور

دروس سياسية من درس رياضي!

نشر بتاريخ: 2019/05/08 (آخر تحديث: 2019/05/08 الساعة: 01:40)

عندما قرر الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات مواجهة "المؤامرة الأمريكية – الإسرائيلية" لتهويد الأرض الفلسطينية ومقدسها في ساحة البراق وحائطها، وخاصة بعد قمة كمب ديفيد يوليو 2000، خرج "البعض" الفلسطيني عن النص ليشيعوا بأن أبو عمار يقودنا الى "الكارثة"، والى معركة ستدمر المكاسب التاريخية التي تحققت بعد قيام السلطة الوطنية.

مجموعة لعبت دورا أسودا لن ينساه التاريخ ابدا، كما كان دور "أبو رغال"، حيث حاولت بكل السبل طعن خيار المواجهة الوطنية الكبرى، بعد أن بدأت دولة الكيان بالتحضير للعملية العسكرية الشاملة ضد السلطة الوطنية، مؤسسات وقيادة، وبدعم أمريكي صريح.

أشاع هذا "البعض"، ان هناك خيارات سياسية يمكن أن تكون بديلا لخيار المواجهة، بالتعاطي الإيجابي مع "المقترحات الأمريكية"، ومنها الأبرز ما يعرف بـ "محددات كلينتون"، حيث انسحاب إسرائيلي من 95% من الأراضي المحتلة لإقامة دولة فلسطينية، مشروطة باعتراف رسمي فلسطيني بوجود الهيكل والحائط في ساحة البراق، ما يعني اعترافا بالرواية اليهودية، التي ستفتح الباب الى تكريس مشروع التهويد.

والحقيقة أن المسألة لن تقف امام 16 مترا كما حاول الرئيس الأمريكي كلينتون تسويق "محدداته"، والتي للأسف وقع في فخها ليس "فرقة أبو رغال" الفلسطينية فحسب، بل بعضا من الأشقاء العرب، متجاهلين، ان ذلك سيقود حتما الى مسألة "الرواية اليهودية" في الضفة الغربية، وما يعرف بمسمى "يهودا والسامرة".

تلك "الخدعة السياسية" التي أدركها الشهيد الخالد أبو عمار، وغابت عن الآخرين، الذي كانوا أداة حصار مضافة لحصار الشهيد المؤسس من قبل قوات المحتلين والفاشية الإسرائيلية.

وبعد أن تكمنوا من اغتيال أبو عمار وتنصيب من كان خيارهم سياسيا كبديل "واقعي" منذ عام 2005، والقضية الفلسطينية ذهبت في متاهة تاريخية فاقت متاهة ما بعد النكبة الكبرى الأولى، حيث بدأت ملامح تكريس "التهويد الفكري – السياسي" بشكل رسمي ومعترف به.

سلاح "الواقعية" الذي أستخدم لاغتيال أبو عمار أصبح سلاحا لإنتاج الرواية الصهيونية في فلسطين، بعد أن قاموا بأكبر عملية تدليس في التاريخ المعاصر، ولم نجد منهم لا مقاومة واقعية ولا سياسية وطنية حامية للمشروع، بل تعميم روح الانهزامية السياسية، وتشكيل جدر صد غير مسبوقة لمواجهة أي مظهر كفاحي للشعب ضد الغزاة والمحتلين.

قامت "فرقة أبو رغال"، بترويج أن أي مقاومة مسلحة ستلحق الدمار الشامل بالمشروع الوطني ومكتسباته، واستخدموا بديلا "المقاومة الذكية"، التي ستسجل في التاريخ بأنها اختراع "مقاومة للمقاومة الشعبية"، فهي لم تحافظ عل المشروع، بل أنها شكلت قاطرة سريعة لتمرير المشروع التهويدي المعادي، المنتظر استكمال حلقاته بعد العرض الرسمي للخطة الأمريكية المعروفة بـ "صفقة ترامب"، وهي المستنسخة عن مشروع شارون للحل الذي قدمه للرئيس محمود عباس صيف 1995 في منزله بالنقب.

وبواقعية شديدة، نجحت تلك الفرقة في تمرير رؤيتها في "المقاومة الذكية" في الضفة والقدس، ما سمح لدولة الكيان أن تحقق حلمها الصهيوني في بناء "دولة يهودية" ليس فيما اغتصبت من أرض فلسطين التاريخية، كونها ليست جزءا من المشروع التوراتي، بل في الضفة الغربية والقدس، التي يعتبرونها قلب دولتهم اليهودية ومن أجلها تم اغتيال رابين ثم اغتيال ياسر عرفات، الأول لتنازله عنها في اتفاق أوسلو كما قالوا، والثاني لرفضه ان يكون قاطرة لمشروعهم التهويدي، فكان أن احضروا غيره لتنفيذه.

إشاعة "الواقعية الكاذبة" في مواجهة المقاومة سقطت سقوطا تاريخيا كما سقوط تيارها، وبدلا من تفعيل الروح الكفاحية وإنتاج سلاح الفعل لردع المشروع المعادي، بذرائع لا حدود لها، جوهرها تيأيس الفعل في معادلة ميزان قوى...متجاهلين أن المستحيل يمكنه أن يكون "ممكن فلسطيني"، وان القوة المعادية لن تكون قادرة على هزيمة روح وحق...فلو قرر عباس ومن معه تطبيق قرارات الشرعية الرسمية فقط، دون حاجة الي سلاح آخر لأدخل دولة الكيان في مأزق لن تخرج منه بتلك السهولة التي يروجها البعض المنهزم فكرا وروحا.

 لو يدرك هذا البعض، ان دورس معارك غزة العسكرية لها ان تمثل رافعة هامة لتنفيذ تلك القرارات التي يقف من وافق عليها حجر عثرة أمام تنفيذها، لأنه قررها للكلام وليس للفعل، لاستكمال "الخديعة السياسية" التي أطلقتها "فرقة أبو رغال" زمن حصار الشهيد الخالد أبو عمار.

ليتهم يتأملوا درس فوز الفريق الإنجليزي ليفربول على الفريق الأعظم في المشهد الكروي عالميا، وكيف حول هزيمة، قال البعض فقاد الروح والمنهزم مسبقا بأنها تاريخية ولا شاف لها، فكانت "الانتفاضة الأكثر تاريخية" لفريق قرر ألا ينهزم روحا فانتصر!

ليتكم تتعلمون، رغم فقدان كل أمل بكم، لكن دوما هناك ممكن حتى لو بدأ مستحيلا!

ملاحظة: حسنا أكد أمين عام حركة الجهاد زياد النخالة على تلك العلاقة الخاص بين حماس وحركته، بينه وبين السنوار، ردا واضحا على لعبة إسرائيلية لزرع الشقاق يساعدها البعض الفلسطيني...ثنائية حماس والجهاد باتت تزعج المحتلين والأمريكان وأقزامهم.

تنويه خاص: رحلت "بهية" مصر وفلسطين محسنة توفيق التي كسرت ووفد مصري حصار بيروت دعما للشعبين اللبناني والفلسطيني، دعما للثورة وزعيمها الخالد أبو عمار...رحلت بهية وصرختها الأبدية رفضا للغزاة "حنحارب" ستبقى تدوي الى يوم النصر!