نشر بتاريخ: 2019/04/27 ( آخر تحديث: 2019/04/27 الساعة: 01:18 )
حسن عصفور

تقرير ملادينوف... رسالة تحذير إلى الداخل الفلسطيني أولا!

نشر بتاريخ: 2019/04/27 (آخر تحديث: 2019/04/27 الساعة: 01:18)

غالبا ما يتجاهل المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، البعد البروتوكولي وهو يعد تقاريره حول الوضع في فلسطين، وما يتعلق بالصراع مع الكيان المحتل، أو ما له صلة بالداخل الفلسطيني، ولذا قلما ينال "الرضا" من السلطات الثلاث المتحكمة في حياة الفلسطينيين، سلطة المحتلين وسلطة رام الله ومعهما سلطة حماس في قطاع غزة.

لكن تقرير ملادينوف يوم 25 أبريل 2019، الذي سيقدمه الى مجلس الأمن ونشر جانبا مختصرا منه، ينتقل نقلة نوعية في تحديد ما سيكون للمستقبل الفلسطيني، وربما المرة الأولى التي يتجاوز فيها أي لغة "ديبلوماسية"، بقوله " لا يزال الشعب الفلسطيني يواجه تحديات لا مثيل لها في السابق" مكملا ..." "أزمة مالية كبرى ترافقها زيادة الاحتياجات الإنسانية وغياب آفاق سياسية للتسوية على أساس التفاوض"، محذرا من أن ذلك "يهدد استقرار الضفة الغربية ومساعي بناء الدولة الفلسطينية عموما".

وأعرب التقرير الأممي عن قلق المنظمة العالمية الخاص إزاء قرار إسرائيل تقليص أموال المقاصة والرد الفلسطيني القاضي برفض تلقي هذه الأموال إطلاقا، وما لم تُحل تهدد باحتدام أزمة ستستغرق تسويتها سنينا طويلة.

وحول قطاع غزة، أكد ان المسألة ليست قرارات اقتصادية فحسب، بل يتطلب "قرارات سياسية شجاعة"، تتعلق بإنهاء الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني.

لم تقف الجهات الرسمية الفلسطينية أمام الإنذارات التي أوردها ملادينوف، وذلك مؤشر الى مظهر عمق "الكارثة السياسية" التي تحيط بالمشهد الفلسطيني، بل الفضيحة الأكبر، التجاهل الكلي لكل ما ورد رغم انه يمثل أخطر توصيف سياسي من مسؤول أممي، بل وربما لم يكن مجبرا على تناول البعد الانقسامي وأثره الخطير على المستقبل الوطني الفلسطيني.

المحاذير التي أشار لها التقرير، تحدد وصفا دقيقا كان يستدعي التعامل الجاد من قبل الأطر الرسمية في سلطتي رام الله وغزة، ربما الوزير الأول في حكومة المقاطعة لا زال مشغولا بحركة "التهاني الخارجية والداخلية" وبعض "اللقاءات ذات البعد السياسي" التي تحمل رسائل لم تعد مجهولة، في محاولة لتقليد "زمن د. سلام فياض" بصفته وزير أول بأثر سياسي.

فيما سلطة حماس منشغلة في مطاردة معارضيها، وتبحث عن مناكفتاها التي لا تتوقف مع سلطة رام الله بدلا من البحث عن بناء مختلف برؤية مختلفة والتفكير في مصير من تتحكم بهم بغير ارادتهم وبعنوة أمنية، لذا لم تقف أمام الجوهري الذي أشار اليه التقرير الأخطر في السنوات الأخيرة.

لعل ممثل الأمم المتحدة طرق جدار الخزان بقوة وعنف، وهو ما يفرض بالضرورة أن يقف الكل الفلسطيني للبحث في كيفية التعامل مع مؤشرات التقرير وقبل فوات الأوان، فكل ما به يمكن أن يكون له رد مناسب وفق الممكن السياسي.

تناوله مسألة المقاصة لم يكن من باب مالي فقط، بل أشار الى أثرها على حاجات الناس عامة والبعد الاجتماعي الذي ستتركه على استقرار الضفة الغربية ومستقبلها السياسي، رسالة يجب أن تثير اهتمام د. محمد أشتية قبل غيره، وان يبحث سبلا لمواجهتها بعيدا عن "الشعاراتية الفارغة"، لو اريد له أن يقدم خدمة عملية وليس لغوية طنانة للفلسطيني الذي فقد كثيرا من كرامته السياسية – الإنسانية في السنوات الأخيرة.

بالقطع لو ان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اطارا وطنيا فاعلا لتصدت هي، قبل غيرها، لمضمون التقرير بأبعاده السياسية قبل الاقتصادية، لكنها وبكل أسف سياسي لم تعد إطارا للعمل الوطني العام بقدر ما أصبحت أداة استخدام للمناكفة والإرهاب السياسي لمن لا يتفق مع رئيسها محمود عباس، إطار يفترض انه الأداة التنفيذية لمنظمة التحرير لا يلتقي منذ زمن سوى بمزاج، فهناك أعضاء في التنفيذية منذ مجلس المقاطعة "غير الشرعي"، ولكنه لا يوجد إطار فاعل له دور ويمثل "قيادة سياسية" للشعب.

ملادينوف دق الأجراس كلها وقرع على خزانات غسان كنفاني الشهيرة...فهل من له آذان وقدر على السماع أولا والرؤية ثانيا...تلك هي المسألة التي تنتظر قراءة جديدة!

ملاحظة: ملفتا غياب الرئيس محمود عباس عن مؤتمر بكين (الطريق والحزام)، رغم انه رئيس مجموعة 77 والصين، كما انه لم يظهر منذ زيارة مصر الأخيرة بأي نشرة إخبارية وغير معلوم مكانه أو سفرة...لعل المانع خيرا وما يقال عنه وصحته اشاعات لا أكثر!

تنويه خاص: ما نشرته صحيفة عبرية حول القائد الفلسطيني زياد النخالة لا يجب أن يمر مرورا عابرا...تصريحات تمثل "رسالة إنذار مبكر" تستحق الانتباه والحذر دون أي ارتعاش...النخالة قائد مختلف عن آخرين.