نشر بتاريخ: 2019/04/09 ( آخر تحديث: 2019/04/09 الساعة: 01:45 )
حسن عصفور

صفقة ترامب لا تحتاج "شريك فلسطيني"...يا هؤلاء!

نشر بتاريخ: 2019/04/09 (آخر تحديث: 2019/04/09 الساعة: 01:45)

يردد البعض الفلسطيني "الرسمي بشقيه"، أن الخطة الأمريكية الكبرى "صفقة ترامب الإقليمية" لما يسمى بالسلام في الشرق الأوسط، تحتاج الى وجود "شريك فلسطيني"، وبما أن الرئيس محمود عباس وضع قلمه في جيبه، وادار ظهره لها، لذلك لن يكتب لها النجاح، ويذهب البعض الى ما هو أبعد قولا، بانه لا يمكن لأي طرف عربي ان يكون شريكا بعد "قرار" الرئيس عباس.

وتدقيقا في قول هذا "البعض" نكتشف عمق الجهالة السياسية فيما يذهبون، ليس تقديرا فحسب، بل وفقا لحركة مسار الأحداث، ما قبل إطلاق الخطة في بدايات عام 2018، وحتى ساعته، أي قبل الإعلان الرسمي عنها، بعد انتخابات الكيان الإسرائيلي، (ربما يتم ذلك في 15 مايو (أيار) تاريخ النكبة الكبرى عام 1948 عندما اغتصب 78 % من فلسطين التاريخية وتم تهجير غالبية أهلها).

للمرة الأولى، نجد أن "خطة سياسية" يتم تنفيذ عناصرها قبل معرفتها أو الاطلاع الرسمي على نصوصها، خطة تبدأ بالمباشرة العملية ثم بعد ترسيخ بعض "الحقائق السياسية"، يتم صياغتها وفقا لنتائج التنفيذ ورد الفعل على ما حدث فعليا.

وتصويبا لـ "خدعة الشريك الفلسطيني" شرطا لا بد منه، نسجل خطوات تم تنفيذها واقعيا دونه بل بشراكته صمتا:

*اعلان القدس الشرقية والغربية عاصمة لدولة الكيان، وتم نقل السفارة الأمريكية اليها.

*الغاء القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة (الشرقية) والحاقها بالسفارة، لتصبح جزءا منها، في رسالة سياسية واضحة، ان أمريكا لن تتعامل مع "كيانية فلسطينية مستقلة"، وان القادم سيكون ضمن "السيادة الإسرائيلية" أو تحت "السيطرة" الكاملة.

*تأكيدا لموقف أمريكا الجديد، دون اعلان، بعدم الاعتراف بكيانية فلسطينية مستقلة، تم اغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وهي رسالة بالغة الدلالة.

*اعلان أمريكا رسميا، وعبر سفيرها بإسرائيل بان الضفة الغربية هي "يهودا والسامرة"، وهذا تجاوز كلي للمواقف الأمريكية الرسمية، الى جانب الأمم المتحدة، في تأكيد صريح لتأييد المشروع التهويدي وتكريس "دولة اليهود.

* التعامل مع ساحة البراق باعتبارها "الهيكل" وبقايا الحائط الغربي.

*وقف كل أشكال التمويل الى سلطة الحكم المحدود، المباشر أو عبر المنظمات غير الحكومية، واغلاق مكاتب الوكالة الأمريكية للتنمية (يو أس ايد)، والإبقاء فقط على تمويل المخابرات الفلسطينية.

*وقف تمويل وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، واعتبار أن قضية اللاجئين انتهت.

* التعامل مع قطاع غزة كحالة منفصلة سياسية عن الضفة والقدس.

* الى جانب قضية الجولان والقرار الأمريكي بالاعتراف انها "إسرائيلية" كجزء من تلك الخطة.

*فتح الباب الرسمي للعلاقات العربية – الإسرائيلية، وكانت سلطة رام الله شريكا في بعض جوانب ذلك، وترتيب زيارات الى تل أبيب والقدس بغطاءات مختلفة، وشرعنت زيارة نتنياهو الى عُمان، ولم تهتز شعرة سياسية منها لحديث يوسف بن علوي، بل ان رئيس سلطة المقاطعة عباس استقبله فور ما أعلن في البحر الميت.

لن نزيد كثيرا، ولكن ألم تصبح الخطوات، التي ذكرت أعلاه، واقعا سياسيا تم تنفيذه، دون مشورة أو سؤال للطرف الرسمي الفلسطيني، ولم تتوقف أي منها، بل هناك ما هو قادم لاستكمال مشروع التهويد – التقاسم الوظيفي الجديد.

لو كان هناك "قيادة وطنية حقيقية" في المشهد الفلسطيني لما تمكنت الإدارة الأمريكية من المضي قدما في أي خطوة مما سبق، وأولها اغلاق مكتب منظمة التحرير عنوان الغاء "الكيانية"، فكان رد فعلها بيان توصيفي للخطوة الأمريكية، وبحثت عن "حل " للشخص "الممثل" بإرساله الى بريطانيا سفيرا، وتجاهلت حل قضية التمثيل القضة الأخطر.

كان لما يسمى "قيادة الشعب"، ان تسارع فورا بوقف كل أشكال التواصل بما فيها الأمني مع أمريكا، واعتبار وجودهم غير مرغوب في الأراضي الفلسطينية، ضفة وقدس وقطاع، وتتعامل مع ممثليها كعدو سياسي، وليس السماح بعقد لقاءات مشتركة فلسطينية أمريكية إسرائيلية في القدس دون ان تصدر بيانا، رافضا، ولم تتخذ أي خطوة عملية من المشاركين الفلسطينيين فيها.

وجاءت خطوة نقل السفارة الى القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان، القضية الأكثر حساسية، وكان الاعتقاد انها ستفجر المواجهة الكبرى، مع دولة الكيان وأمريكا، وتنطلق "انتفاضة شعبية حقيقية" تضع حدا للمغامرة الترامبية، فكانت المفاجأة الأكبر، ان مر يوم انتقال السفارة بأكثر الأيام سلاسة على الكيان، وغابت كل أشكال الفعل الشعبي، والمنطقة الوحيدة التي غضبت كانت قطاع غزة، حيث استشهد ما يزيد على الـ 70 شهيدا رفضا للخطوة.

ومع كل خطوة تنفيذية، لا تملك قيادة سلطة المقاطعة، وكذا قيادة غزة السياسية سوى اصدار بيانات تصف للشعب مخاطرها، وبأنها لن تسمح مرة ثانية بتكرارها...مواقف تكشف أن "القيادة بشقيها" لم تعد ترتبط بشعبها أو قضيته، وكل ما تبحث عنه مسايرة الحدث دون خسائر مباشرة في شمال "بقايا الوطن" ومكاسب خاصة في جنوبه.

وبعد، هل حقا تحتاج أمريكا لشريك فلسطيني، وهل هناك قيمة لقلم بلا حبر، بات وكأنه ايقونة لا أكثر...

أمريكا ومعها الكيان، لن تدير بالا لأي طرف فلسطيني ما لم تدرك ان الثمن مكلف حقا، لأي قرار سبق او سيكون، وعندما يبدأ حبر القلم بالكتابة لتنفيذ كل قرارات الأطر الرسمية مرة واحدة وليس بالتقسيط، وان تكون غزة قاعدة الدولة، وتنهي حماس انقلابها بقرار وتسليمه الى لجنة وطنية برعاية مصر والجامعة العربية لطمأنه عباس وفريقه (سيتم شرحها تفصيلا في مقال خاص لاحقا)، فلن تضع أمريكا والكيان حسابا للرفض اللغوي، فالخطة تسير وغيرها يصرخ!!

ملاحظة: تصريح القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق ان حركته ترفض مشروع سيناء، وانه ربما يكون جزءا من صفقة القرن إشارة الى انه حماس لديها هذا المشروع، فلو كان حقا لما لم تتقدم به للشعب الفلسطيني والقوى الوطنية؟!

تنويه خاص: تصاب بحالة غثيان كلما تقرأ تصريحا لمن قرر ان يكون "ذيلا سياسيا" في حكومة تمرير المشروع التهويدي، وتزداد الحالة أكثر مع تأكيدهم أنهم لن يسمحوا بعد اليوم بحصار غزة...يا راجل فك "حصارك أولا" وبلاش عنطزة فارغة!