أيار وسيناريو الانفجار في فلسطين
واصف عريقات
أيار وسيناريو الانفجار في فلسطين
اندفاع اليمين الإسرائيلي الحاكم إلى اليمين الأكثر تطرفًا حتى وصلت فيهم الصلافة للقول أن فلسطين غير محتلة وأن القدس لليهود ولا حق للفلسطينيين فيها مسيحيون ومسلمون، ونشرهم لآلاف الجنود وإطلاق العنان لهم بالقتل، ودعوتهم للنفير العام وحمل السلاح، وما قاموا به من جرائم بحق الشعب الفلسطيني خاصة في شهر رمضان، ما يشجع غلاة المستوطنين المتطرفين لمزيد من الاقتحامات والاعتداءات والتطاول ويرتكبون الحماقة الكبرى وينفذون تهديداتهم تجاه القدس والمسجد الأقصى، وإن أخذت القيادة الإسرائيلية الحالية الهشة والضعيفة الاعتبار من الموقف الفلسطيني الموحد وداعميه "من العرب والمسلمين والعالم الحر وتوحدهم حول القدس واستعدادهم للتضحية واعتبارها نقطة التفجير" لخشيتها من السقوط ولأنها تريد الحفاظ على تحالفها وموقعها مما أجبرها على التراجع "المؤقت" بعض الشيء ومحاولة تقليل جرائمها، فإن قيادة الصهيوني المتطرف العراقي الأصل وعضو ما يسمى بالكنيست " ايتمار بن غفير" وجماعته المسماه "لاهافا" التي تدعو إلى قتل العرب، وأمثالهم الـ 63 جماعة وتنظيم من المستوطنين المتطرفين وكلهم مسجلين رسميًا ويجمعون على تهويد القدس واستهداف المسجد الأقصى والصعود إلى "جبل الهيكل" "بحسب الشريعة اليهودية"، ومن هذه الجماعات والتنظيمات ما هو سري خاصة داخل الجيش الذي اكتشف عام 1984 أثناء الإعداد لمحاولة قصف المسجد الأقصى من الجو لإزالته من الوجود، ومنها جماعة فتيان التلال "شباب التلال" وهم الفاشلين في الحياة والمطرودين من أهاليهم، يعيش معظمهم في بؤر استيطانية إسرائيلية في الضفة الفلسطينية، ويسكنون في مباني منفردة ومبعثرة ، وهم من يهاجم الفلسطينيين بشكل دائم، ومنهم انطلقت جماعة "تدفيع الثمن" ، كما هو حال مؤسسة هيكل القدس التي تضم الفيزيائي الأمريكي "لاجرت دولفين" الذي حاول مع مؤسسها "جولت فوت" التحليق فوق المسجد الأقصى وقبة الصخرة لتصويرها بأشعة أكس بواسطة جهاز الاستقطاب المغناطيسي الذي ابتكره "دولفين" لتصوير باطن الأرض ليثبت للعالم أن الأقصى مقام في موضع الهيكل، وهو ما يؤكد نواياهم العدوانية واستعدادهم الدائم لارتكاب الجرائم بحق فلسطين وأهلها، وكل هذه الجماعات لن تبدي اهتماما لأي اعتبار وستشعل المنطقة بحماقتها عند تنفيذ مخططاتها، حاولت ذلك خلال شهر رمضان الحالي وردعها التصدي الفلسطيني، وما زالت تهدد بتنفيذ اقتحام للمسجد الأقصى خلال الأسبوع الأول من شهر أيار حيث وجهت ما يسمى بهيئة مقر منظمات الهيكل دعوة لاقتحام كبير للمسجد الاقصى في يوم ما يسمى "الاستقلال" المقرر يوم الخميس 5 أيار المقبل بين الساعة السابعة والحادية عشرة صباحا وبين الساعة الواحدة والثانية والنصف ظهرًا، حيث قالت إن هذه الدعوات تأتي بعد الاخفاق في مسيرة الأعلام بمدينة القدس المحتلة.
من جانب آخر وفي نفس اليوم من شهر ايار ستنفذ رابطة الطيارين في إسرائيل عروضًا جوية استفزازية احتفالا بذات المناسبة، وفي أيار سيحيي الفلسطينيين ذكرى النكبة وتهجيرهم من بلادهم وما حل بهم من مآسي على طريقتهم بأشكالها كافة وربما تأتي هذه السنة مختلفة عن كل السنين الماضية، وارتقاء عدد كبير من الشهداء وازدياد عدد الجرحى والمعتقلين والعمليات الفردية البطولية "وليست آخرها عملية سلفيت" التي نفذت في الايام الاخيرة شملت كل الجغرافيا الفلسطينية تدق جرس الانذار.
وفي شهر ايار سينفذ الجيش الإسرائيلي اكبر مناورة في تاريخه كان المفترض اجراؤها في ايار الماضي ولكن تم تأجيلها بسبب عملية سيف القدس والكل الفلسطيني، وعلى اثرها وبعدها اجرى الجيش الإسرائيلي سلسلة من التدريبات على تدارك الاخفاقات واستيعاب وتطبيق الدروس المستفادة وتحسين جاهزية وكفاءة وحداته وتحسين الدفاع على جبهة قطاع غزة ، كما اجرى عددا كبيرا من المناورات خلال العام 2021 استعدادا للمعارك القادمة وكيفية التعامل مع مختلف السيناريوهات الهجومية، وان دل هذا على شيء فإنما يدل على النية المبيتة عند القيادة الإسرائيلية كما هي كل القيادات المتعاقبة على تصدير ازماتها "والتي وصلت حد الذروة الان" وتنفيذ مخططاتها من خلال ارتكاب حماقة وتنفيذ مغامرة عسكرية تجاه قطاع غزة، وتشديد الخناق على القدس والضفة الغربية وفلسطين التاريخية، تدرك القيادة الإسرائيلية بأن تنفيذ هذه الحماقة له ثمن باهض وفاتورة التصعيد ستكون مكلفة والعملية العسكرية ليست نزهة وكذلك تشديد الخناق على الفلسطينيين، وتوجهها إلى هذا المخرج يؤكد على ضعفها وعدم قدرتها على ضبط المستوطنين ومنعهم من تنفيذ مخططاتهم لا سيما وان المعارضة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو تتربص وتأجج الموقف وتريد اسقاط حكومة الثلاثي بينيت لابيد غانتس لتحل محلهم ولو على حساب الدم الفلسطيني، كما ان هذا التصعيد يلبي رغبة (بعض) القيادة العسكرية التي تشعر بان عملية عسكرية ولو محدودة تعيد لها هيبتها التي ضربت و ثقة الجبهة الداخلية التي انعدمت بها خاصة مستوطنين غلاف قطاع غزة، وهو نفس الشعور عند الاجهزة الامنية والشرطية والاستخبارية التي عجزت عن اكتشاف العمليات الفردية واظهرت عجزا اكبر عند التعامل معها وليس آخرها عملية مستوطنة "آرييل" وقبلها النقب والخضيرة وتل ابيب وجنين وكل فلسطين.
الفلسطينيين من جانبهم على دراية تامة بالمخططات الإسرائيلية، وان وضعوا تحت هذا الخيار فانهم وكما أفشلوا المخططات السابقة سيفشلون المخططات اللاحقة عبر وحدتهم وتكاتفهم وتضامنهم وتكامل نضالهم واستعدادهم الدائم للتضحية تحت شعار فلسطين لنا والقدس تجمعنا.
إسرائيل القلقة على وجودها باتت تدرك حقيقة قوة الموقف الفلسطيني بشقيه الشعبي والعسكري المقاوم وقوة وصلابة وتماسك عمقه الاستراتيجي، وما جرى مع الفلسطينيين في شهر رمضان ويوم القدس العالمي بالأمس (الجمعة الاخيرة من رمضان) خير مثال.
وتدرك إسرائيل أيضًا بأن قوة ردعها قد تآكلت أمام المقاومة وتضاءلت ثقتها بداعميها وما يشكل لها عمقا استراتيجيا، وتخلي أمريكا عن افغانستان وقبلها عن فيتنام خير مثال، وما يجري الآن في أوكرانيا والتخلي الأمريكي عنها ماثل للأذهان، لذلك زمان إسرائيل وغطرستها لم يعد ذلك الزمان.
فهل تتعظ قيادة إسرائيل من هذا الإدراك قبل فوات الأوان؟؟؟؟؟