ماذا بعد ؟
صادق الشافعي
ماذا بعد ؟
وقف القتال او الهدنة كما يطلق عليها ما تزال ثابتة ومستمرة.
لكن العناوين الرئيسة التي كانت السبب المباشر وراء العدوان والمحركة له وللاشتباك معه ما زالت قائمة على حالها مستمرة ومتفجرة.
فما زال الاعتداء على القدس بذاتها ومقدساتها (بالذات المسجد الأقصى) قائما ومستمرا.
وما زال العدوان على حي الشيخ جراح ومحاصرته والإصرار على طرد عائلاته ومنع الوصول اليه مستمراً، ويزداد وحشية وعنصرية.
وما زال التهديد لقطاع غزة مفتوحاً ومحملاً باحتمالات الاعتداءات العسكرية بمختلف تعبيراتها ومستوياتها.
وما زال الاستيطان في الضفة الغربية يتواصل، ومصادرة الأراضي وبناء وحدات استيطانية جديدة على قدم وساق.
وما زالت حملات الاضطهاد والتهديد والاعتقال ضد أهلنا ونشطائهم في مدن وبلدات مناطق العام 1948 تتصاعد.
يعني ...ان المعركة مع العدو تستمر مفتوحة بما هي معركة احتلال وتكريسه، وتوسع واستيطان من جهة العدو المحتل، وبما هي معركة تحرر وطني لاستعادة الوطن والحقوق الوطنية من جهتنا نحن اهل الوطن.
وليس من المتوقع ابداً ان تقود الصراعات والمتغيرات الدائرة حالياً في رأس الحكم بدولة الاحتلال الى أي تغيير ارادي في المواقف والسياسات والاعتداءات باي قدر، بالذات في العناوين المذكورة أعلاه.
الجديد لصالحنا هو تطور نسبي في الموقف الدولي لصاح نضالنا الوطني وحقوقنا الوطنية في مواجهة دولة الاحتلال.
يتمثل هذا التطور النسبي في مواقف اعداد متزايدة من دول العالم وفي مواقف منظمات وهيئات دولية مثل الموقف المتقدم نوعيا لمحكمة الجنايات الدولية وقرارات أخرى صدرت عن منظمات دولية أخرى.
ويتمثل بشكل أفضل في تطور أوضح في حركة الجماهير وقواها السياسية والمجتمعية في معظم بلاد العالم، تعلن عن مواقفها المؤيدة لنضالاتنا والمدينة لدولة الاحتلال.
وهو ما يمكن بل يجب البناء عليه.
ويبقى الأهم بالنسبة لنا هو الوحدة الشاملة والعميقة التي خضنا بها المعركة الأخيرة، وهو ما يدعو ويوجب البناء عليه وتطويره في معركتنا المستمرة والمتواصلة مع العدو المحتل ومعاركنا المذكورة المفتوحة معه.
يجب الا نسمح لأنفسنا بالعودة للانجرار الى خلافات حول عناوين ثانوية او اجرائية تنفيذية، وان نطرد اي أفكار تدعو الى إلغاء او تهميش أي مؤسسة وطنية فلسطينية قائمة او أي طرف او جهة وطنية.
وان نتفهم بالمقابل حقيقة وجود تفاوت حقيقي وواقعي في الحجوم والقدرات والامكانات تسمح بتفاوت مدروس ومقبول في الأدوار والمسؤوليات والمواقع.
ان الاجتماع الذي دعت له القيادة المصرية في القاهرة مبادرة مشكورة ومقدرة تؤكد على أهمية الدور المصري وإيجابيته ومسؤوليته، ويشكل فرصة للقوى الفلسطينية المتحاورة لوضع النقاط على كل الحروف، والخروج بأعلى درجات الوضوح وأكبر قدر من الاتفاق - والواقعية أيضا- حول الموضوعات والعناوين الوطنية التي تحقق وحدة الرؤيا ووحدة الموقف والنضال ووحدة ادوات وطرائق التعامل.
وبما قد يستدعيه ذلك ويتطلبه من تنازلات متبادلة.
وإذا كان من نتائج الاجتماع المذكور الاتفاق على تأجيل الانتخابات العامة لبعض الوقت، فان فكرة الحكومة الائتلافية التي يشارك فيها الجميع تبدو مناسبة وممكنة أيضا.
وإذا كان هناك مسؤوليات ضاغطة وملحة، بالذات تلك المتعلقة بحياة أهل الوطن، مثل إعادة اعمار غزة. وكان هناك شرط من بعض الجهات ان تمر مساعداتها عبر السلطة الوطنية القائمة- وهذا حاصل فعلا- فيكون من صلاحيات الحكومة الائتلافية المؤقتة تشكيل لجان مختصة للقيام بتلك المسؤوليات والمهمات، وان تعطيها الحكومة بعض الخصوصية في تشكيلها، إضافة الى صلاحيات واسعة تتناسب مع ظروف وخصائص واحتياجات المسؤولية المكلفة بها.
مطلوب من اجتماع القاهرة ان يحقق خطوات برنامجية واسعة وملموسة في مسار استعادة الوحدة الوطنية وفي مسار الاستفادة بأقصى الدرجات من التطور النسبي في الموقف الدولي كما تمت الإشارة لها.
ومطلوب البناء على الحالة الجماهيرية الموحدة الشاملة المؤثرة والفاعلة كما أبرزتها وأكدتها معركة التصدي الأخيرة باتجاه تأكيدها وتعزيز فعلها.
الأيام الفلسطينية