نشر بتاريخ: 2017/12/30 ( آخر تحديث: 2017/12/30 الساعة: 08:39 )
حسن عصفور

التظاهر الفلسطيني

نشر بتاريخ: 2017/12/30 (آخر تحديث: 2017/12/30 الساعة: 08:39)

منذ إقامة أول سلطة وطنية كيانية فلسطينية فوق أرض الوطن عام 1994، حاولت بعض الأطراف محليا واقليميا، كل بحسابه الخاص، وبعضهم حسابات مشتركة، ، أن تعتبر ذلك نهاية للمواجهة الشعبية - العسكرية مع سلطات الاحتلال وكيانة، ودفعت قوى بعينها الى ظاهرة العمليات المسلحة "الانتحارية - الاستشهادية"،وفقا للمستخدم، والتي لم تكن جزءا من ثقافة المقاومة الوطنية الفلسطينية، برزت بعد توقيع اتفاق أوسلو، كمحاولة من الفاعلين لاجهاض منتج الاتفاق، وتبيان أن هناك "ردا عسكريا"..واللعب على مشاعر البعض بأن السلطة ذهبت للتفاوض في حين غيره ذهب لـ"المقاومة"..

لعبة سياسية لم تكن محلية أبدا، عمل بها كل من  كان لا يريد لمنظمة الحرير أن تجسد كيان فلسطيني خارج لعبة معادلة مؤتمر مدريد، الذي كان محاول سياسية لانهاء الفعل الكفاحي والتمثيلي للشعب الفلسطيني، وكانت دولة الاحتلال أكثر من استفاد عمليا من تلك "العمليات المستجدة"، واستغلتها لفرض وقائع أمنية خاصة..

ومع "الضرر" السياسي الذي ألحقته تلك العمليات بالمسار الفلسطيني، لكنها لم تنجح فعليا، لأن تقدم من كان وراء تلك العمليات بأنهم "البديل الثوري" لمنظمة التحرير والسلطة الوطنية، والتي أكدت مجرى الأحداث أنها الأكثر تعبيرا عن روح الشعب الفلسطيني خلال الزمن العرفاتي منذ مايو (ايار) 1994 وحتى إغتياله المركب معلوم الجهات..وأكد ذلك تمعارك مميزة بدأت خلال هبة النفق 1996، حيث مواجهة شعبية وعسكرية، ثم مواجهات ما بعد لقاء "واي ريفر" 1998، الى أن بدأت المعركة الكبرى من سبتمر 2000  حتى إغتيال الخالد 2004، والتي ستصبح سجلا كفاحيا نادرا في مواجهة عدوان عسكري - سياسي أمريكي - إسرائيلي..

وبعد غياب الخالد، دخلت الحالة الفلسطينية مرحلة جديدة، مع وصول محمود عباس الى منصب رئيس السلطة وغيرها، حي تم حصار الفعل الكفاحي "حصارا مشتركا" وضمن آلية "التنسيق الأمني" مع سلطة  الاحتلال ودور أمريكي، والذي انتقل جوهريا من مفهوم تم تحديده في اتفاقات سابقة، الى عمل مشترك ضد الروح النضالية وأي فعل نضالي، وجاهر عباس بذلك مرارا وتكرارا صوتا وصورة  مفتخرا بما فعل وسيفعل..

ودون تفصيل، فكل هبة شعبية كان أمن السلطة طرفا مركزيا في ملاحقتها بأمر من رئيس السلطة حتى مجاهرته الفضيحة، بأنه يقوم بتفتيش حقائب تلاميذ المدارس بحثا عن سكين، لإخماد ما عرف بـ"هبة السكاكين" التي شكلت تطورا في العمل المقاوم، وأدخلت رعبا لمحتل..

فيما أغقلت حماس باب "العمليات الانتحارية - الاستشهادية" كليا بعد انتخابات 2006، ثم انقلابها 2007 وحكمها قطاع غزة، رغم الحروب الاسرائيلية الثلاثة ضد القطاع، مكتفية باطلاق الصواريخ خلال الحرب، ومانعة لأي عمل عسكري ضد اسرائيل في "تنسيق أمني" غير معلن، رغم ان ما تفعله صواب سياسي، لكنها لم تسجل مراجعة سياسية لتعتذر عن تخريبها خلال الزمن العرفاتي، وأن ما كان فعل بحسابات مختلفة..

ورغم حالة الحصار المتعدد الروس على الفعل الكفاحي الشعبي ضد المحتل في الضفة، وبعض حصار لفعل عسكري من قطاع غزة، لكن الروح النضالية مع ما أصابها من "عطب" وإحباط من سلوك أمن السلطة ورئيسها، وفعل حماس، لكنها تتفجر بين حين وآخر وتسجل حضورها دون أن تحسب حسابات لهذا أو ذاك..

ومع معركة القدس وباب الأسباط انطلقت حركة شعبية، وقفت أطراف السلطة موقف المراقب، وسجلت بهتانا نادرا في خنوعها، حتى فرض أهل القدس نمطهم فيي المواجهة، فحاول البعض اللحاق بها، لكنهم تأخروا وكانت السمة مقدسية بامتياز، حتى ما وعدوا به لتعزيز صمودهم تعويضا عن "تخاذل رسمي" لم يصلهم بعد، ما يشير أن "القدس معركة ومصيرا" ليست جزءا من حساباتهم سوى بالاستخدام..

ومع قرار ترامب بشأن القدس، كان التقدير أن تصبح حركة المواجهة شكلا من اشكال الغضب الشامل، وأن المشاركة الشعبية ستكون "غير مسبوقة"، وستفتح "أبواب جهنم" التي عدنا بها، بحيث تربك كل الحسابات، وأن التفاعل سيكون "نموذجا" لتوحيد ميداني كما كان في زمن المواجهة الوطنية للعدوان الأميركي الاسرائيلي 2000 – 2004، فيما سمي "إنتفاضة الأقصى"، والتي جائت كررد فعل على حدث كان اقل شأنا من قرار ترامب، لكن الذي كان كشف عورات كبيرة في حركة الرد والفعل والمشاركة..

من الطبيعي جدا، أن تكون المشاركة محدودة، وأحيانا محدودة جدا، في الضفة والقدس، لأسباب عدة:

* فقدان الثقة بالسلطة رئيسا وفصيلا، وبأجهزة أمنية لا تزال تحتفظ بقوة تنسيقها مع المحتل، ما يعتقده الناس أنها أصبحت أداة مساعدة لقوات الاحتلال لمطاردة المشاركين، خاصة مع زيادتها، دون اي قماومة من أجهزة السلطة..

*فقدان الثقة بموقف رئيس السلطة وفصيله، بأن الهدف ليس فعل لرفض بقدر ما هو فعل لتحسين موقف ورد اعتبار..

*فقدان ثقة، بأن رئيس السلطة وفصيلة غير جادين، لأنهم لم يكرسوا أي شكل من اشكال الوحدة الكفاحية الميدانية في الضفة، وغابت كل أشكال التنسيق مع القوى الأخرى، وتتصرف فتح بوحدها في كل شي لتقول للأمريكان نحن نعارض ولكن بحسابات معينة..تغييب المشاركة الفصائلية ليس سوى تكريس لتغييب المشاركة الشعبية..

*فقدان الثقة برئيس السلطة وفصيله، لأنه غيب كل مؤسسات القرار الوطني واستبدله بـ"شلة خاصة" تعمل لحسابه وحساباتها الخاصة..

*فقدان ثقة برئيس سلطة وفصيل بات الأهم في حصار قطاع غزة، باصرار وبوقاحة سياسية غير مسبوقة..

*فقدان ثقة برئيس سلطة وفصيل لم يقدم شيئا لأهل القدس بما فيه المقرر..

*فقدان ثقة برئيس سلطة وفصيل أعلنوا رسميا تهويد البراق قبل أمريكا وترامب في سياق رضوخ لطلب اسرائيلي..

لذا من الطبيعي أن تكون مشاركة أهل الضفة والقدس "صادمة" من حيث كمية المشاركة الشعبية ونوعيتها، ولعل قطاع غزة كان حضارا أضعافا..

لكن ورغم كل ما سبق فإن الاستمرارية في ايام الغضي يمثل قيمة سياسية بعيدا عن القرم، تبقى روح الكفاح حاضرة، الى حين أن يحدث ما يكون سببا في تفجيرها شاملا..

ولذا لا يجب الاستماع الى محاولة استبدال الروح الكفاحية برقم المشاركة..فتلك هي القاعدة الأهم في معركة قد تكون فاصلة في تاريخ الشعب الفلسطيني..

ملاحظة: لا نعرف كيف يمكن السيطرة عل حركة الدجل والتزوير العلني من بعض "شلة عباس"، ان تسمع مثلا أن المسيرات مخطط لها، فلو كان ذلك ووفقا للعدد فهي عار عليكم..والعار الأكبر عندما يقولون أن مسألة السلاح لم تناقش..وكأن تصريحات "رئيس الشلة" صوتا صورة لشخص آخر..بعض من الخجل..بس من وين لكم!

تنويه خاص: اعلامي لبناني يناشد عائلة التميمي ان يدفع كفالتها..والفضيحة لم نسمع كلمة من "شلة الكلام"..ردا لاحمدا ولا شكورا!