مستقبل الحكومة الليبية
عمرو الشوبكي
مستقبل الحكومة الليبية
أعطى البرلمان الليبي الثقة للحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة عبد الحميد دبيبة، وحصلت على 131 صوتا من أصل 133 عضوا شاركوا في التصويت وهي أغلبية كاسحة لم يتوقعها الكثيرون.
والسؤال المطروح: هل ستلحق الحكومة الجديدة بحكومة الوفاق، وتعجز عن تحقيق طموحات الشعب الليبي وإنهاء الانقسام وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في نهاية العام؟
والحقيقة أن الفارق الرئيسي بالنسبة لهذه الحكومة أنها جاءت عقب "خبرة فشل" بالمعنى السياسي والعسكري، ولذا حاولت الأطراف الدولية وتحديدا المبعوثة الأممية "ستيفانى ويليامز" أن تبتكر صيغة مختلفة عن مسار اتفاق الصخيرات وحكومة الوفاق، فأسست لحوار ليبى في تونس سمى بملتقى الحوار الليبي ضم 75 شخصية "انسحب منهم شخص واحد" يمثلون مختلف الأطياف السياسية والعسكرية، وتحاوروا لأشهر في تونس وخرجت منهم لجنة مصغرة من 18 عضوا تفاهموا في جنيف على آلية انتخاب المجلس الرئاسى ورئيس الحكومة.
والمؤكد أن هذا المسار جلب أطرافا تعبر، ولو بشكل نسبى، عن الواقع الليبي، وجاء إعطاء ثقة البرلمان للحكومة والدعم الذي أعطاه عقيلة صالح لها "رغم أن قائمته خسرت الانتخابات أمام قائمة دبيبة بفارق بسيط" ليزيد من قوتها، بل إنه نجح في تغيير أحد نواب رئيس الوزراء لصالح مرشح مقبول منه ومن خليفة حفتر، ومع ذلك خرجت تعليقات صادمة من بعض الإعلاميين في مصر عقب خسارة قائمة عقيلة صالح واعتبار ما جرى مؤامرة إخوانية وهو أمر ينم عن انعدام الحد الأدنى من معرفة ما يجرى في ليبيا.
وقد غاب عن الحكومة الجديدة أي وزير من حزب العدالة والبناء التابع للإخوان، في حين أن الوزير الوحيد الممثل للتيار الإسلامى وهو حزب الوطن بزعامة عبد الحكيم بلحاج هو وليد لافي وزير دولة للاتصال والشؤون السياسية.
وقد عبرت الحكومة بحقائبها الكثيرة عن مختلف المناطق والتيارات السياسية، فهناك حوالى 3 وزراء محسوبين على النظام القديم، ووزيرة تنتمى إلى تيار ليبيا الغد "سيف الإسلام القذافي" وهى وزيرة العدل، ووزيران مقربان من حفتر، وهناك وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش التي تتمتع بتعليم رفيع وجاءت عقب معركة جرت وراء الكواليس مع مرشحة أخرى كانت مدعومة من حزب الوطن الإسلامي، بجانب وزراء تكنوقراط يعبرون عن الشرق والغرب والجنوب مثل وزيري المالية والداخلية.
صحيح أن الحكومة موسعة "33 حقيبة بينهم 6 وزراء دولة" وفيها ترضيات، ولكن هذا هو المتاح في الوقت الحالي، ويبقى التحدي الأكبر هو توحيد المؤسسات وإعادة بنائها وخاصة المؤسسة العسكرية، وإخراج المرتزقة، كما سلمت وزارة الدفاع بشكل مؤقت لرئيس الوزراء الذي رفض ضغوطا من أجل تعيين صلاح النمروش وزير الدفاع في حكومة الوفاق مرة أخرى.
مبروك للشعب الليبي خطوة كبيرة على الطريق الصحيح وهي حكومة لديها عناصر نجاح كثيرة ورحلة الألف ميل بدأت في ليبيا بمائة خطوة.