الصراعات في معظم البلاد العربية والإسلامية عنوانها «الانتصار للقدس»، المتمثل بتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل دولة الاحتلال «الإسرائيلي» قبل أكثر من 70 عاماً بمساعدة بريطانية واضحة ودعم أمريكي سابق ولاحق، لكن الجميع يضلون الطريق؛ فالعرب والمسلمون منشغلون في أزماتهم وصراعاتهم الداخلية، مانحين «إسرائيل» فرصة التوحش بشكل أكبر؛ لإدراكها أن خصومها لا يستطيعون فعل شيء، وأن الذين يواجهونهم على الأرض هم الفلسطينيون، الذين تركوا وحدهم منذ عشرات السنين، لكنهم اليوم صاروا أكثر انعزالاً عن أشقائهم، الذين تحكمهم أنظمة تملك من عوامل الهدم أكثر من البناء.
في فلسطين، حيث يموت أهلها كل يوم، ويصارع مَنْ تبقَّوا منهم الاحتلال بكل ما يملكون، تغيب خطوط التواصل مع العرب والمسلمين المنشغلين بمشاكلهم الداخلية، التي تكفي لإبقاء الأزمات مشتعلة لسنوات بل ولعقود طويلة. فما يحدث في بلاد العرب يؤكد أننا نحتاج لعشرات السنين حتى نتمكن من التغلب على التحديات التي تواجهنا كأمة، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة في الوقت الحاضر.
والتساؤلات تبدو قائمة حول ما يحدث اليوم من خراب وتدمير في أكثر من قطر عربي، والمستفيد منه، وتثار التساؤلات عن المصلحة في استمرار تناحر القوى السياسية والاجتماعية والدينية في البلاد العربية، في وقت تستغيث فيه فلسطين لنصرتها ونجدتها.
خلال الأعوام القليلة الماضية وأزمة المسجد الأقصى تتصاعد، فيما لم تحدث أي ردود أفعال حقيقية، إذا ما استثنينا البيانات التي تصدر بين الفينة والأخرى من جهات عربية وإسلامية مختلفة، صار بعضها مع الأسف غارقاً في متاهات الصراعات الداخلية بين الأنظمة العربية وشعوبها، وتحولت إلى بوق ومشرع للفتنة من خلال الفتاوى التي تصدرها بين وقت وآخر لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، ونسيت القدس وأهلها المرابطين، الذين يدافعون عن آخر قلاع الشرف العربي والإسلامي.
المواجهات بين قوات الاحتلال «الإسرائيلي» والذين يدافعون عن القدس الشريف ويرابطون في الأقصى، تدل على أن «إسرائيل» لن تتوقف عن أطماعها، فما تريده أكثر مما يعتقد كثيرون من العرب والمسلمين، فهي ترغب في إزالة كل ما يربط المسلمين بالأقصى، وتريد تغييب دورهم في الدفاع عن المسجد المبارك، وهي تتحدى في ذلك إرادة الشعوب العربية والإسلامية، التي تكبلها الصراعات الدائرة اليوم.
اليوم، ومع أن الجميع يتحدث عن فلسطين وضرورة تحريرها من أيدي الصهاينة، إلا أن الطريق الذي يسلكونه لا يؤدي إلا إلى اليمن والعراق وسوريا، فيقتلون ويدمرون، أما فلسطين فهم أبعد عن تحريرها، بل وأكثر بعداً عن القضية نفسها، حتى وإن تظاهروا بأنهم يقاومون الشيطان بسببها.
الخليج الاماراتية