بطلقة خرجت من مسدس وأصابت رأسه تحت عينه اليمنى، دخل ناجي العلي في غيبوبة، ثم رحل عن العالم.
يصادف اليوم الخميس 29 من آب، الذكرى 32 لرحيل رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي اغتاله شاب مجهول في أحد شوارع العاصمة البريطانية لندن، في مثل هذا اليوم عام 1987.
وقد أجبرت ضغوط سياسية العلي على الرحيل إلى لندن عام 1985، حيث تمت عملية اغتياله هناك.
ميلاده
ولد رسام الكاريكاتير الفلسطيني، ناجي سليم حسين العلي عام 1937 في قرية الشجرة في فلسطين، وبعد دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي إليها تهجر مع أهله إلى جنوب لبنان حيث عاشوا في مخيم عين الحلوة.
وبعد إنهاء دراسته هاجر إلى الكويت والتحق بعدد من الصحف الكويتية كرسام كاريكاتير، قبل أن يعود إلى صحيفة السفير اللبنانية، لكنه التحق مجددًا في العام 1982 بجريدة القبس الكويتية، لتكون آخر محطاته قبل المغادرة إلى لندن.
وجهت أصابع الاتهام باغتيال العلي مباشرة إلى الموساد الاسرائيلي، وثانيًا إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لأنه رسم بعض اللوحات التي تمس قياداتها، وإلى بعض الأنظمة العربية للسبب ذاته.
شخصيات ناجي العلي
اشتهر العلي برسم شخصيات أعطاها هويتها في رسمه، وأصبحت مرتبطة بعمله، وجعل كل شخصية ترمز إلى نمط من الناس الذين كان ينتقدهم في أعماله.
من هذه الشخصيات “فاطمة” التي ترمز إلى المرأة الفلسطينية التي لا تهادن، رؤيتها شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية وبطريقة حلها، بعكس شخصية زوجها الذي ينكسر أحيانًا.
وشخصية السمين ، ممثلًا به القيادات الفلسطينية والعربية المرفهة الذين اعتبرهم خونة وانتهازيين، بالإضافة إلى شخصية الجندي الإسرائيلي ذي الأنف الطويل.
حنظلة
فعل الرسام الكاريكاتير الفلسطيني، ما لم يستطع الحكام العرب فعله ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، واستطاع بريشته أن يؤلب الرأي العام العالمي ضد انتهاكات الاحتلال، بفضل رسوماته التي كان بطلها طفل مكبل اليدين من الخلف يبلغ من العمر 10 أعوام، ويُدعى "حنظلة"، و أصبح حنظلة بمثابة توقيع الرسام الفلسطيني كما بات رمزاً للهوية الفلسطينية.
وقال"العلي"، عن "حنظلة"، إنه بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية، حيث ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء".
لكن حنظلة لم يكن مكتف اليدين، إلا بعد حرب تشرين الأول عام 1973، فيقول العلي "كتفته بعد حرب أكتوبر 1973، لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة فهو ثائر وليس مطبعًا".
أصبح حنظلة فيما بعد بمثابة توقيع ناجي العلي على لوحاته، وحظيت بحب الجماهير العربية لكونها تعبيرًا عن صمود الشعب الفلسطيني بوجه المصاعب التي تواجهه.
لازالت رسوماته حية
وأعاد ابنه خالد إنتاج رسوماته، بعد وفاته، في عدة كتب جمعها من مصادر كثيرة، وتم ترجمة العديد منها إلى الإنجليزية والفرنسية ولغات أخرى، كما حصل على العديد من الجوائز من بينها الجائزة الأولى في معرضي الكاريكاتير للفنانين العرب في دمشق عامي 1979 و1980، وصنفته صحيفة يابانية أحد أشهر عشرة رسامين للكاريكاتير في العالم.
خلدت السينما العربية قصة ناجي العلي في فيلم حمل اسمه عام 1991، وأدى شخصيته الممثل المصري الراحل نور الشريف، وأخرجه عاطف الطيب، وشارك في بطولته ممثلون من سوريا ولبنان.