الكوفية:يبدو ان النظرية الهندسية التي سادات قرونا، بأن "الخطان المتوازيان لا يلتقيان"، تم كسرها بنجاح خارج القوانين الطبيعة، ولن تعود نظرية سائدة، بعد المعجزة السياسية الفلسطينية التي اكدت، انهما سيلتقيان بارداه "الرسمية الفلسطينية".
التذكير بحرب المواجهة الكبرى عام 2000 – 2004 التي قامت بها دولة الكيان الإسرائيلي لتدمير مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد قمة كمب ديفيد، شارك بها براك وشارون، أي وجهي الحياة السياسية الإسرائيلية الحاكمة، كانت رسالة رسمية أخيرة بانتهاء التعايش بين السلام والاحتلال، بعد اغتيال رابين وفوز اليمين الإرهابي سياسيا وفكريا بانتخابات 1996، ثم هروب نتنياهو من تنفيذ تفاهم "واي ريفر"، أحداث كانت ردا رسميا إسرائيليا، بان انهاء الصراع مع دولة الكيان وإنهاء الاحتلال وفقا لحل سياسي، ليس جزءا من مكون التركيبة الحزبية الإسرائيلية الحاكمة، بطرفيها.
ورغم وضوح مكنون الفكر الإسرائيلي الحاكم، بعد اغتيال الاتفاقية الوحيدة (إعلان المبادئ 1993 – أوسلو)، وقد تكون الأخيرة في المدى المنظور، التي وضعت اسسا لتسوية ممكنة مقبولة، فقد رفض الرئيس محمود عباس وفريقه السياسي، الذي استلم الحكم بعد اغتيال الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات، رؤية الانهيار الشامل لـ "سلام الشجعان" وذهب للبحث عن "سلام غير الشجعان"، عبر قنوات متعددة، أبرزها مؤتمر أنابوليس نوفمبر 2007، رغم ان الانقلاب الحمساوي قد حدث، وفتح باب الانقسام معول هدم المشروع الوطني.
"جهاد الرئيس عباس" بحثا عن "سلام غير الشجعان" لم يتوقف في أي مرحلة منذ عام 2005، بعد تنصيبه رئيسا، تخللها حروب ثلاثة ضد قطاع غزة، ومئات جرائم حرب ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس، وحركة تهويد استيطاني متسارعة وبلا توقف، ورفض صريح لقادة دولة الكيان، أي لقاء تفاوضي مع عباس وفريقه، بل أنهم اداروا له الظهر ولأطراف دولية بدعوات للقاء وليس للحل.
خطان متوازيان طوال 15 عاما، رئيس فلسطيني يبحث حلا تفاوضيا مع من رفض الحل الوحيد الممكن، بل ورفض ما هو دونه بكثير، جسدها "عرض أولمرت" أواخر 2006، أمرت أمريكا الرئيس الفلسطيني هاتفيا برفضه عبر المستشارة رايس، حكومة دولة تعمل منذ ذلك الزمن على السير بخط ترسيخ "المشروع التوراتي" عبر حركة تهويد لم تجد وقفة حقيقية من الممثل الرسمي الفلسطيني، بل انه لاحق كل من حاول مواجهتها بما يملك من أدوات رفض متاحة.
أخيرا، قدمت الإدارة الأمريكية خطتها "صفقة ترامب"، التي بدأت في تنفيذ بعض أسسها عام 2018، مع قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، وأن الجولان ارض إسرائيلية، والغت مفاهيم "الاحتلال" عن أي ممارسة وسلوك إسرائيلي.
الخطة الأمريكية، لا يوجد بها أي لغز أو عقدة تحتاج الى مساعدة صديق لشرحها، باختصار، خطة منحت فلسطين باستثناء قطاع غزة الى دولة إسرائيل، بها جيوب سكانية فلسطينية لها حقوق إنسانية وبعض سياسية، خطة نطقت بكل لغات العالم، ان التسوية السياسية التي كانت يوما ضمن الحسابات الرسمية منذ 2005 انتهى اجلها، وان الفريق الحاكم في دولة إسرائيل، بطرفيه "تحالف الليكود" و"تحالف أزرق ابيض" متفق عليها، ولا خلاف يمكن ان يتم رؤيته بالعين المجردة بينهما.
المشهد في إسرائيل يعلن نهاية التفاوض السياسي الى غير رجعة، ويفتح الباب لتفاوض على "حقوق إنسانية لجيوب بشكل محميات تحت السيادة الإسرائيلية"، وتفاوض مع كيان غزي خاص لبحث بعض قواعد السيادة العليا الأمنية على ذلك الجيب الخاص، ومشهد فلسطيني يبحث عن تفاوض على ما ليس معروضا، ينتظر "شريكا" من بين اشباح لم يعد لهم وجود راهنا.
طرف يعمل بخط التهويد بلا انتظار، وآخر يتوسل "شريكا تفاوضيا" من المجهول لبحث ما لا يمكن بحثه...
الرئيس عباس وفريقه يبحثان عن كيفية "لقاء مسارين لا يلتقيان"، مسار التهويد العام ومسار الاستقلال الممكن. معادلة سياسية جديدة لا مكان لها سوى في عالم الواهمين فقط.
ملاحظة: تصريحات الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية ومفتيها الخاص حول أن التنسيق الأمني مستمر ولكن ليس الى الأبد، إهانة للرئيس عباس قبل ان تكون إهانة للشعب الفلسطيني، بعد إعلانه امام العرب وقفه كاملا...مين حيصدقك بعد هيك!
تنويه خاص: غياب حراك سياسي فلسطيني حقيقي رافض للصفقة الأمريكية وسلوك طرفي السيطرة على القرار خدمة مجانية لتمرير تلك الصفقة...البيانات الصادرة دون حراك لن تبيض وجوه أصحابها ابد