رغم مرور 50 عاماً على حريق المسجد الأقصى المبارك، إلا أن تلك الجريمة النكراء لازالت مستمرة بمختلف مستوياتها ومسمياتها بحق أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
في مثل هذا اليوم 21 أغسطس عام 1969 قام المتطرف اليهودي الأسترالي «دنيس دوهان» باقتحام ساحة المسجد الأقصي، ١٩٦٩، وأضرم النيران في الجناح الشرقى للجامع القبْلي الموجود في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، لتلتهم النيران كامل محتويات الجناح، بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة الجامع الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.
وبلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد على 1500 متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر مربع، وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة، كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية، وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
وألقت إسرائيل القبض على الجاني، ونقلته سلطات الاحتلال إلى مستشفى للأمراض النفسية في المزرعة بالقرب من عكا وبعد فترة، ليست طويلة، تم ترحيله إلى أستراليا، وروج في حينه خرافة قال فيها: إنه "قام بفعلته بأمر من الله".
ردود أفعال
وكان لهذا العمل الإجرامي ردة فعل كبيرة في العالم الإسلامي، وانطلقت المظاهرات الغاضبة في كل مكان، وكان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حاليا) التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية، وكان الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز صاحب الفكرة، إلا أن المنظمة لم تستطع وقف أعمال التخريب وتدنيس الأقصى حتى هذا اليوم.
كما أثارت ردود فعل عالمية ودولية نددت به، وأدان مجلس الأمن الدولي في قراره رقم (271)، الاحتلال لتدنيسه المسجد، ودعا إسرائيل إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها المساس بوضعية المدينة المقدسة.
وعبر القرار عن حزن مجلس الأمن للضرر الفادح الذي ألحقه الحريق بالمسجد في ظل الاحتلال الإسرائيلي، الذي دعاه إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري، والامتناع عن إعاقة عمل المجلس الإسلامي في المدينة المعني بصيانة وإصلاح وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية.
هذه الجريمة النكراء لم تعد الوحيدة بحق المسجد الأقصى، فما زالت الجريمة الإسرائيلية مستمرة بتقسيماتها وأبعادها، بدءًا من حفر الأنفاق أسفل المسجد ومحيطه، والبناء الاستيطاني حوله، والاقتحامات الإسرائيلية الممنهجة والمتصاعدة، ومحاولات تقسيمه زمانًا ومكانًا.