في قراءته للمشهد السياسي السائد لدى طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، توقف رأس الدولة الأردنية جلالة الملك عبدالله وأشار إلى ضرورة التركيز على مسألتين ملحتين هما:
الأولى الانتقال إلى جيل فلسطيني جديد من القادة، مضيفاً «هذه إحدى القضايا التي يجب أن نفهمها، وهي إلى أين يتجه الفلسطينيون».
والثانية إلى أين تتجه المستعمرة الإسرائيلية، متسائلاً «كيف يمكننا أن نتوصل إلى تفاهم حول الأفق السياسي؟».
بداية يجب الإدراك والفهم أن آخر إنجاز حققته الثورة الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات، هو نقل الموضوع الفلسطيني وعنوانه وأغلبية مؤسساته من المنفى إلى الوطن، وهو تغير جوهري وتطور نوعي في غاية الأهمية، نتاج: 1- الانتفاضة الأولى عام 1987، 2- اتفاق أوسلو عام 1993.
لقد انتقل النضال والخيار والفعل من المنفى إلى الوطن الفلسطيني، وبات النضال بأدوات فلسطينية، في مواجهة عدو الشعب الفلسطيني، الذي لا عدو له غيره: المستعمرة واحتلالها التوسعي، التي تحتل أرض الفلسطينيين وكامل وطنهم، وتغتصب حقوقهم، وتتطاول على كرامتهم.
الذين صنعوا الثورة الفلسطينية هم أبناء المخيمات أبناء اللاجئين، الأكثر ضرراً من مشروع المستعمرة واحتلالها، إذ فقدوا وطنهم وبيوتهم وممتلكاتهم وباتوا فقراء عُزلا تحت رحمة وكالة الغوث وما تقدمه لهم من خدمات، حتى تمكنوا من النهوض المعيشي والسياسي، وباتوا رقماً له حضور ومكانة وتأثير عبر جبهتهم الوطنية الموحدة منظمة التحرير الفلسطينية، وعملهم في بلدان اللجوء: لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر بشكل متفاوت، ولدى بلدان الخليج العربي الذي نما وارتقى وتطور، ومعهم من استطاع العمل هناك بمهنية وقدرة واحترام.
انتقال العنوان والموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، آخر إنجاز لتراث الرئيس الراحل ياسر عرفات، حيث بات الموضوع مختلفاً ونوعياً، وسيكون له أدواته وقياداته من رحم الشعب الفلسطيني داخل وطنه، ويتحول الفلسطينيون في بلدان المنافي والشتات، إلى روافع مساندة داعمة لشعبهم في الداخل، سواء للمكون في مناطق 48، أو للمكون في مناطق 67.
سيكون دور ووظيفة ومهام الفلسطينيين في المنافي والشتات هو كسب تعاطف وتأييد شعوب العالم من العرب والمسلمين والمسيحيين، والشعوب الصديقة، لصالح: 1- صمود الفلسطينيين على أرض وطنهم، 2- دعم نضالهم في مواجهة الاحتلال ومشروع المستعمرة التوسعي، لنيل حريتهم واستقلالهم على أرض فلسطين.
قيادات فلسطينية ستولد من رحم شعبهم ومسامات النضال بنوعية وجهد وثقافة وخيارات وأدوات كفاحية تتفق والظروف الكفاحية السائدة على أرض وطنهم في مواجهة سياسات القتل والمصادرة وجعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها، جراء الاحتلال والاستيطان والمستعمرة.
وهذا ما قصده وسجله رأس الدولة الأردنية جلالة الملك عبدالله في قراءته للمشهد السياسي الفلسطيني، وتوقعاته نحو الجيل الفلسطيني المقبل.