اليوم الاحد 04 يونيو 2023م
الاحتلال يطلق الرصاص الحي صوب منزل ويعتدي على أصحابه في بيت أمرالكوفية العليا للعشائر تهنئ الأردن شعبآ وقيادة بزفاف الأمير الحسينالكوفية مقتل رجل وإصابة طفل في جريمة إطلاق نار في الرملةالكوفية فيديو|| "فهمي" يكشف للكوفية تفاصيل زيارة وفود الفصائل إلى القاهرةالكوفية عطا الله: الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية لن يتغير في أي حقبة تاريخيةالكوفية المصري: لقاءات القاهرة تبحث التطوارات السياسية للقضية الفلسطينية بكافة جوانبهاالكوفية هنية يصل القاهرة على رأس وفد قيادي من حماسالكوفية استمرار التظاهرات في دولة الاحتلال ضد حكومة نتنياهوالكوفية الرئيس الأميركي يوقع على مشروع قانون سقف الدينالكوفية "الخارجية" ترحب بعقد مؤتمر المانحين للأونروا وتدعو إلى سد عجز الوكالةالكوفية الإمارات تقدم 20 مليون دولار لــ "أونروا"الكوفية "التعاون الإسلامي" تؤكد ضرورة مساءلة ومحاسبة إسرائيل على جرائمهماالكوفية تقرير: الاستيطان يستهدف المحميات الطبيعية الفلسطينيةالكوفية وقفة إسناد للأسير المريض وليد دقة في باقة الغربيةالكوفية قوات الدعم السريع تسيطر على المتحف القومي في الخرطومالكوفية موسكو: مقتل شخصين في قصف أوكراني بالمدفعية على بيلغورودالكوفية غندوغان يسجل أسرع هدف في تاريخ نهائي كأس الاتحاد الإنجليزيالكوفية الولايات المتحدة تدعو إلى وضع حد للعنف في السودانالكوفية الاحتلال يخصص مليارات الشواقل لقتل الفلسطينيين وسرقة أراضيهمالكوفية إجلاء 11 ألف شخص في كندا جراء اتساع موجة حرائق الغاباتالكوفية

لعنة الاحتلال على شعبه ولعنة الفلسطيني

11:11 - 19 مارس - 2023
أكرم عطا الله
الكوفية:

ما يحدث في إسرائيل فتح شهية الكثير من المتابعين لتفسير الظاهرة التي تجتاحها، وإن كانت مرئية للمتخصصين الذين يتابعون المسار الإسرائيلي الصاعد بثبات نحو اليمينية بفعل الديمغرافيا التي حذر منها مبكرا الداعية أرنون سافير، وكان بقصد الديمغرافيا في مواجهة الفلسطيني.

ولم تتوقف مراكز الفكر عند الخطورة الأكبر على إسرائيل وهي الديمغرافيا اليهودية والانزياح داخل الكتلة اليهودية نفسها، والتي تمت رعايتها وتسمينها منذ ثمانينيات القرن الماضي بجملة من القوانين التي أفسحت للعائلات الدينية أن تتفرغ للإنجاب وقراءة التوراة والحصول على أعلى الرواتب.

أسباب كثيرة تقف خلف هذا الانزياح يمكن أن تكون مادة ثرية لعلماء الاجتماع منها البعد الديمغرافي ومنها الجين الوراثي التوراتي الذي رافقها منذ التأسيس، وترابط القومية بالدين بلا انفكاك ما جعل حزب مثل «ميرتس» يوما يقف إلى جانب إيهود باراك في قمة كامب ديفيد قبل أكثر من عقدين رافضا عودة اللاجئين الفلسطينيين؟ دون أن يتوقف أمام هذا الالتباس الكبير في برامجه اليسارية التقدمية وبين قوميته الدينية العنصرية ما يصلح مثالا دائما على مأزق التناقضات الكبير.

ولكن ما كان له دور أكبر في تسريع هذا الانحدار لحسم الخيارات ولفك التناقضات هو عامل الاحتلال الذي تحول إلى سوسة داخلية نخرت عظم المجتمع الإسرائيلي وأعادت صياغة قيمه نحو الحروب والهوس والعنف. هذا العنف الذي أصبح جزءا من يوميات الإسرائيلي وثقافته تجاه الآخر كان لا بد وأن يفعل فعله في إعادة صياغة العقل الإسرائيلي، ولا بد أن يتفرغ للداخل بين اليهود أنفسهم حين تسيطر سيكولوجيا العنف على المجتمع ويصاب بالهوس والتسلح ويصبح عقيدة اجتماعية.

قبل حوالي ربع قرن في نهاية التسعينيات، حدثت جريمة كبيرة هزت إسرائيل كان بطلها سائق تاكسي قام بقتل سائحتين كان يقلهما في منطقة إيلات، وفي التحقيق تبين أنه كان أحد عناصر القوة الخاصة التي شكلها شارون في قطاع غزة لتصفية الفدائيين في السبعينيات، واتضح أن هذا العنف كان مستمدا من وحشية الجرائم الذي ارتكبها السائق واعتياده على القتل.

لقد شهد المجتمع الإسرائيلي تحولا كبيرا في تكتلاته السياسية والاجتماعية إثر حرب أكتوبر العام 73، حيث أفقدت هذه الحرب التي هددت إسرائيل الجيش الإسرائيلي وهجه وحضوره الاستعلائي لصالح القوى اليمينية التي بدأت ترفع رأسها. وكان التعبير عن ذلك هو بداية المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي انطلق بعدها والذي يقف، الآن، ككتلة اجتماعية عبرت عن نفسها سياسيا وهي الكتلة التي تستهدف الدولة العميقة في إسرائيل وتقف خلف كل هذا التصدع الحاصل، فلولا الاحتلال لكانت إسرائيل أكثر تماسكا.

عندما تأخذ الإسرائيلي الذي أنهى دراسته للتو في حقل التكنولوجيا لتجعل منه قاتلا في ساحات الضفة الغربية أو قناصا على حدود قطاع غزة يتسلى بقتل الناس، هل يمكن أن يعود مواطنا مدنيا طبيعيا ؟. فحين تصبح الملاحقة والقتل جزءا من يوميات الحياة كما يحدث منذ عقود يصبح الحديث عن سيكولوجيا طبيعية ومواطن سوي شيئا من العبث وهذا يدركه علماء النفس فهي عملية تربية.

في الانتفاضة الثانية التي شهدت حكم آخر بقايا اليسار العلماني كان للصدام بين الشعبين الدور الأكبر في انزياحهما نحو اليمين، فذهبت إسرائيل لاستدعاء أرئيل شارون الرجل الأكثر عنفا في تاريخها والذي كان قد تمت إزاحته لدوره في مذبحة صبرا وشاتيلا لمواجهة الأمر، لينتقل المجتمع نحو يمينية عنيفة بسرعة شديدة قضت على اليسار الإسرائيلي، ومنذ ذلك التاريخ كان الحكم وما زال لليمين، فقط كان ذلك بفعل العامل الفلسطيني، هذا اليمين هو الذي يشرف الآن على جر إسرائيل نحو هاوية العالم الثالث.

قبل حرب حزيران 67 كانت إسرائيل قد سيطرت على الجزء الأكبر من فلسطين التاريخية وأقامت دولتها، وانشغلت ببناء نفسها واقتصادها وخصوصا مع المقاطعة العربية في الخمسينيات والستينيات لتعتمد على ذاتها وتعزز علاقتها بأوروبا. والحقيقة أنها تمكنت من تحقيق نجاح كبير ولكن بعد احتلالها للفلسطينيين دخلت في صراع يومي جعلت كل أبنائها قوة للسيطرة على شعب آخر مهمتهم الاستعباد والقتل والتنكيل وممارسة العنف، فأصبح ذلك ثقافة دخلت في مسامات لشعب كامل وأصبحت جزءا من هويته ليس فقط السياسية بل وأيضا الاجتماعية، ولا تمارس فقط تجاه الشعب الفلسطيني بل وأيضا لا بد وان تجد لها تعبيرات لدى الآخر الإسرائيلي وهذا ما نراه في خطاب الكراهية والعنف في إسرائيل.

لقد تحدث أكثر من مفكر يهودي وكاتب إسرائيلي عن خطورة الاحتلال على المجتمعات نفسها، وكان أبرزهم المفكر يشعياهو ليبوفيتش وحديثه عن حرب حزيران 67 والتي حملت إسرائيل «من الفخر القومي ونشوة النصر إلى القومية المتطرفة»، وإيلان باببيه وجدعون ليفي الذي يشير دوما لخطورة الاحتلال على المجتمع، لكن إسرائيل التي كانت ثملة بخمر الانتصار كما وصفها الكتاب الذي قام بتأليفه تشرشل الابن والحفيد عن حرب حزيران كانت ثملة بخمر الانتصار إلى الحد الذي لم تر فيه سرطان الاحتلال الذي سيأكلها من الداخل ... وتلك كانت لعنة الفلسطيني المزروع عميقا في الأرض.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق