- 10 شهداء على الأقل جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة السنافور شرقي غزة
الأمر ليس انتظار "انتفاضة"، أو البحث عن مواصفات ساكنة لوصفها، مواصفات قادمة من أرشيف "الانتفاضة الكبرى" نهاية عقد ثمانينيات القرن الماضي ومن "انتفاضات" لاحقة؛ النفق والأقصى والانتفاضة الثانية وانتفاضة الشيخ جراح..، رغم أن كل واحد من هذه الأحداث انفرد بخصوصيته، سيبدو هذا الانتظار نوعا من انتظار الماضي وإعادة إنتاجه والعيش فيه.
نوع من البحث في الحاضر عن الذكريات، و"عنا" عندما كنا "هناك"، عن جيل آخر يصر على إعادة مهاراته وتعليق صوره القديمة في ألبوم جديد، نوع من محاولة زج الأجيال الجديدة في عربة افتراضية، إعادة التجربة بأشخاص آخرين وفي زمن آخر وفي مواجهة عدو تبدل وعيه.
الأجيال التي تتواجه، الآن، لا تشبه كثيرا الأجيال التي تواجهت في العام 1987 أو 2002 أو 1996، وعي الفلسطينيين بعدوهم اكتسب خلال أكثر من ثلاثة عقود وعبر هذه المواجهات الكثير من الخبرة والثقة، تغير كل شيء تقريبا؛ الجيل والوعي وتعمق التواصل بين مكونات الشعب ومناطق تواجده؛ الضفة وغزة وفلسطين العميقة والمنفى بأنواعه، وبقيت الحاضنة العميقة وهي التحرر من الاحتلال وبناء المجتمع الديمقراطي، تعمقت خبرتهم مع نخبهم السياسية وبدت أكثر مطلبية وقدرة على النقد، هذا مهم وفاعل، لم يعد الأمر محصورا في البحث عن اتفاق سياسي تنتجه شروط التوازنات الآنية ونفوذ الفصائل بقدر ما ذهب إلى الجذور، إلى النكبة نفسها وحمولاتها؛ حق العودة والإيمان بهزيمة العدو على أرضية ديمقراطية تنظم علاقات المجتمع وتوحده. الأمر ليس استعادة التجربة بقدر تغذية الواقع وتحصينه في حاضره.
الفلسطينيون يقفون، الآن، أمام وبمواجهة انتصار الفاشية في إسرائيل، الفاشية التي كانت دائما في جوهر مكونات "الدولة" قبل أن تصعد من النواة وتتغذى تحت قناعها، لتصبح الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال ووعيها العميق بنفسها.
الأمر أيضا ليس هزيمة "اليسار" الإسرائيلي أمام "اليمين"، هو بالضبط عدم قدرة مقولات اليسار وتعاليمه؛ التعايش والقانون والليبرالية، وفشلها في تسويق اليمين.
هستيريا الفاشية التي تغطي إسرائيل ومؤسساتها، من الكنيست إلى الجيش والقضاء، هي الأقدر على تلمس المأزق الوجودي الذي تواجهه "المستوطنة" الأم.
الخوف الوجودي الذي تخفى تحت فائض القوة وأوهام تجاوز الفلسطينيين وطي صفحتهم هو الذي يتبدى، الآن، في ملاحقة كل ما يشي بفلسطين، فاشية ضجرة منفلتة، لم تعد بحاجة إلى يسار ينطق باسمها.
لذلك ستبدو محاولة زج الوعي الشعبي في عربة افتراضية خارجة من الألبوم، أو تطويق هذا الوعي انتظارا غافلا لزمن لم يعد موجودا، بينما تعبر "الانتفاضة" بمكوناتها وتعدديتها من أمام المنتظرين مثل قاطرة بعشرات العربات الحية.