اليوم الخميس 28 مارس 2024م
عاجل
  • مراسلنا: طائرات الاحتلال تقصف منزلا لعائلة ارحيم في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة
  • الإعلام الحكومي: جيش الاحتلال أعدم 200 نازح داخل مجمع الشفاء الطبي واعتقل 1000 آخرين
بلينكن يزور فرنسا الأسبوع المقبل ويناقش مع ماكرون دعم أوكرانيا ومنع التصعيد في غزةالكوفية الأردن يعلن تنفيذ 5 إنزالات جوية للمساعدات على قطاع غزةالكوفية بث مباشر.. تطورات اليوم الـ 174 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية مراسلنا: طائرات الاحتلال تقصف منزلا لعائلة ارحيم في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزةالكوفية الإعلام الحكومي: جيش الاحتلال أعدم 200 نازح داخل مجمع الشفاء الطبي واعتقل 1000 آخرينالكوفية الفداع المدني: الاحتلال استهدف 65 من أفراد طاقمنا منذ بدء عدوان الاحتلالالكوفية الدفاع المدني: منطقة مجمع الشفاء فيه مئات الشهداء بسبب القصف الإسرائيليالكوفية مدفعية الاحتلال تقصف محيط مدرسة فيصل أبو سعدة بالحي الياباني غرب خان يونسالكوفية جيش الاحتلال يعترف بإصابة 8 جنود خلال الساعات الـ 24 الماضيةالكوفية جيش الاحتلال ينسف منازل في محيط فندق الأمل غرب غزةالكوفية حول قرار مجلس الأمن الأخيرالكوفية عشية «اليوم التالي».. ضوء أخضر أمريكي لاحتلال معبر رفح!الكوفية لا تغير استراتيجي في الموقف الأمريكيالكوفية الصحة: ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 32552 شهيدا و74980 مصاباالكوفية ارتفاع ضحايا سوء التغذية في قطاع غزة إلى 30 مواطناالكوفية «الخارجية» تحذر من مخاطر التعايش الدولي مع الرفض الإسرائيلي لقرار وقف إطلاق النارالكوفية «أونروا»: الوقت يمضي بسرعة نحو المجاعة في غزة ويجب رفع القيود الآنالكوفية الخارجية الأمريكية: لدينا بدائل للعملية العسكرية برفح والمفاوضات لم تنتهالكوفية الإمارات تستقبل الدفعة الـ 14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانالكوفية الصحة العالمية: نطالب بوقف فوري للهجمات على المستشفيات بغزة وندعو إلى حماية الطواقم والمرضى والمدنيينالكوفية

كيف تحولت الصراعات السياسية إلى هوياتية كارثية؟

09:09 - 17 يناير - 2022
ماجد كيالي
الكوفية:

تحولت ثورات “الربيع العربي” إلى نوع من انفجارات هوياتية، ومأساوية، إذ انتقلت من كونها ثورات تتوخّى التغيير السياسي، نحو المواطنة والديمقراطية، إلى صراعات تتوخى تحقيق أو تغليب الهوية، الأثنية أو الدينية (الطائفية والمذهبية). بيد أن الانتقال من حيّز الصراعات السياسية إلى حيّز الصراعات الهوياتية لم يحدث عفواً، بمعنى أنه تحول سياسي، او تقف وراءه قوى سياسية، ولاسيما قوى دولتية.

بديهي ان ثمة عوامل سهلت أو دفعت إلى ذلك، ضمنها الحرمان التاريخي من السياسة، وتهميش المجتمعات، وغياب الأحزاب، والافتقاد للتجربة السياسية، لكن العامل الأساسي في التحول الحاصل، نشأ أساسا بفعل تشبث الأنظمة السائدة بالسلطة، ومقاومتها التغيير. وكما شهدنا فإن تلك الأنظمة اشتغلت منذ البدايات على تحويل الثورات، او الحراكات الشعبية، إلى عبء أو كارثة، من الناحيتين المادية والمعنوية، الأمر الذي وجد ترجماته في ليبيا واليمن والعراق وسوريا، بشكل خاص، إذ اشتغلت ايضا بحرف الثورات عن مساراتها، أو بتخليق حالة من التوترات في المجتمع، مستغلة انقساماته.

واضح أن الأنظمة تمتلك خبرة في السياسة والإدارة والحكم والسيطرة، والتلاعب بالرأي العام، بالقياس لحالات انطلقت من نقطة الصفر تقريبا في تصدرها للثورات، لاسيما ان الانظمة تمتلك الجهاز الأكثر تنظيما، أي الدولة، واجهزة الإعلام، فضلا عن القوى العسكرية والامنية ناهيك عن الموارد.

هذا حصل، مثلا، وبشكل خاص في العراق وسوريا، أيضا، فمن المعلوم ان نظام المالكي سابقا اشتغل على بناء ميلشيات مذهبية متعصبة عوض الجيش، وعلى بناء سلطة ذات لون معين، في حين انه أسبغ على أي حراك ضده صفات طائفية او مذهبية، ما شكل تربة خصبة لظهور “داعش” على أنقاض الحراكات الشعبية التي شهدها العراق في العام 2014. أما في سوريا فمنذ اليوم الاول أنكر النظام على السوريين حقهم المشروع، وتوقهم للحرية والكرامة والمساواة، بل واعتبر ان ما يجري مجرد تحركات تقف وراءها جماعات دينية أو طائفية متطرفة، مع غض نظره عن جماعات او ميلشيات طائفية مسلحة، محسوبة على الإسلام السياسي (“الشيعي”) تتبع لإيران، مثل فاطميون وزينبيون وعصائب الحق وحزب الله.

والحال، فإننا عندما نتحدث عن صراعات الهوية نقصد بها كل الصراعات التي تنجم عن تقسيم المجتمعات بشكل عمودي، وبطريقة تنميطية شمولية وقسرية، وينضوي في اطار ذلك الهويات الطائفية والمذهبية والقومية والعشائرية، ويمكن ان نضيف إليها الهويات الايدلوجية ايضا، علما ان تلك تنتمي إلى عصر الحداثة او الهويات الحداثية، لكنها تحولت إلى أديان أرضية. إذ أن مشكلتنا مع أصحاب الأيدلوجيات، أو الجماعات الأيدلوجية، لاتكمن فقط في العقليات المغلقة وادعاء احتكار الحقيقة، واعتبارها مطلقة ونهائية، وإنما تكمن ايضا في تحويل هذه الايدلوجيات الى هويات بل وإلى “أديان” أخرى مع “رسل” و”مفتين” و”طوائف” مغلقة ازاء بعضها.

ومشكلة هذا النوع من الصراعات ان كل جماعة هوياتية تعتقد أن هويتها ذات طابع مطلق وأبدي وصاف، وبمثابة دين او مقدس لا يمكن المساس به، كأنها منزّلة من السماء، في حين أن كل هوية هي ذات معطى تاريخي، وتخضع لتغيرات، تبعا للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فمفهوم المسلم (أو المسيحي)، أو وعيه لذاته، يختلف من مرحلة إلى أخرى، بحسب الحالة السياسية، كما أن هذا المفهوم يفتح على تحديد التعريف، ومرجعياته المذهبية، أو الفقهية، ثم على درجة تدينه، أو لا تدينه، أو إيمانه بأولويات أخرى مع التدين أو من دونه، تماما مثلما أن مفهوم الفلسطيني أو السوري أو العراقي أو الفرنسي أو الروسي أو الأمريكي يختلف من مرحلة إلى أخرى. ولا ننسى أن الهويات الوطنية في بلاد الشام، السورية والفلسطينية والأردنية واللبنانية، هي هويات حديثة، ونتاج المرحلة الاستعمارية، وحقبة الدولة الوطنية.

وغنى عن القول هنا إنه لا يمكن اختزال إنسان ما بهوية بعينها، إذ أنه محمّل بهويات متعددة، عائلية وعشائرية ولغوية ودينية ووطنية وحضارية ومهنية وثقافية وسياسية، وأن التعصب لهوية معينة ينشأ وفقا لصراعات السياسة، إذ تبرز هوية على حساب غيرها. أيضا لنلاحظ أننا في الصراع الهوياتي نبحث عن الاختلاف والتنميط والتميّز والتقوقع وتالياً الهيمنة والكراهية والتهميش أو النفي، بدل البحث عن التشابه والتقاطع والتكامل والتنوع وتاليا االتفاعل والاعتراف والمساواة والتشارك، أي العناصر التي تؤكد الهويّة الأصلية للإنسان.

هكذا تستغل القوى المهيمنة صراعات الهوية وتتلاعب بالانتماءات الأولية في تحويل الصراع على السياسية والحكم والحقوق إلى صراع هوياتي من طابع طائفي أو حتى قومي، وهو ما حصل مرات في أوروبا، وهو ما يحصل عندنا في هذه الظروف لإجهاض الثورات الشعبية وأخذها لمسارات أخرى تختلف عن مقاصدها الأساسية.

وعليه، فربما لا شيء أكثر خداعاً ومواربةً وزيفاً من الصراع الهوياتي فهو لا يتأسس على الصراع من أجل المصالح الحقيقية للبشر، وهو أكثر الصراعات دموية، لأنه يتأسس على الصراع الوجودي، ولأنه الصراع الوحيد الذي ليس لأي منا اي صلة به، فليس لأحد أي فضل في انتماءاته الأولية فالمرء يأتي الى الدنيا دون أن يختار أو يقرر هوية عائلته أو دينه أو قوميته أو بلده أو لغته. المشكلة أننا غالباً لانشتغل ولانتصرف على أساس هذه الحقيقة في غمرة عصبياتنا وذهابنا الى الحروب الهوياتية المدمّرة، التي هي مجرد حرب ضحايا ضد ضحايا، لا تستفيد منها سوى قوى الهيمنة والاستبداد، أو قوى الظلم والرجعية.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق