قراءة موضوعية في استقالة د. عشراوي
نشر بتاريخ: 2020/12/14 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 20:36)

قرأت وسمعت تعليقات متعددة عن استقالة الدكتورة حنان عشراوي من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وسمعت ما قالته الدكتورة في مقطع الفيديو الذي تحدثت فيه عن استقالتها وأسبابها، ولعل من المفيد دائما اخذ هذه المواضيع بأبعاد تختلف عما يحاول البعض تبريرها أو نعتها بصفات أو طلبات شخصية لم يتم الموافقة عليها فكانت النتيجة تقديم الاستقالة.
في قراءتي الشخصية أجد أن الاستقالة لم تأتِ بشكل اعتباطي أو كنتيجة لسبب محدد، بل كما يبدو تمت من قبل الدكتورة بعد تفكير طويل خاصة مع جائحة كورونا السياسية التي ألمت بواقع الحال الفلسطيني وبحيث أصبح مجرد الوجود ضمن مؤسسات القيادة الفلسطينية لا يقدم ولا يؤخر ولا يؤثر لا على صانع القرار ولا على القرار نفسه مع غياب حقيقي للمؤسسة التي تحتضن وتصنع القرار.
قبل وفاة الدكتور صائب "رحمه الله" كان هناك إمكانية ومن خلاله للتأثير ولو بشكل محدود خاصة مع عقده اجتماعات مستمرة للجنة التنفيذية للمنظمة، وكان البعض لا يزال يعتقد بالأمل في أن تلك الاجتماعات تفرض نفسها موضوعيا على صاحب القرار، لكن الغياب المفجع للدكتور صائب ضيق مساحة الأمل بل أصبحت معدومة، وهنا وجدت الدكتورة عشراوي نفسها في هذا المربع، مربع الغياب والعدمية، كما أنها وبخبرتها وفطنتها علمت أن الأدوار اختلفت والتغييب المؤسسي والفردي سيتعاظم وسيصبح سيد الموقف بلا منازع.
الدكتورة استقالت لأنها وجدت أنها لا تستطيع أن تقدم شيئا من خلال الموقع الذي شغلته، ووجدت أنه حتى لو كان هناك شيء يمكن تقديمه فلن يكون له لا رائحة ولا طعم ولا لون في ظل واقع الحال الذاتي والموضوعي المتمثل بما يحدث من تطبيع إقليمي عربي وتجاهل دولي لوضع حلول أممية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
مطالبة الدكتورة بتجديد الشرعيات والانتخابات ومفهوم تدافع الأجيال وضرورة أخذ الشباب لدورهم في قيادة الشعب الفلسطيني هي مفتاح الحل الممكن لمواجهة الجائحة السياسية التي تجتاح مجمل قطاعات الشعب الفلسطيني ومجتمعاته المتعددة، وفقط جيل الشباب هو القادر على مواجهة تلك المخاطر التي تحيق بالقضية الوطنية الفلسطينية، وهو الوحيد القادر على دفع استحقاق المواجهة، أما الجيل الحالي والذي يمسك بزمام كل شيء، فقد تم استنفاده وأصبح غير قادر موضوعيا وذاتيا على اتخاذ خطوات دراماتيكية تؤدي للعودة لمربع الفعل وتجاوز مربع الرفض الكلامي فقط.
إن هذه الاستقالة ستعكس نفسها على الواقع الفلسطيني وهي حجر بناء جديد للدفع لواقع أساسه العمل على تشكيل لوبيات ضاغطة لفرض عملية التجديد عبر الانتخابات التي لا بد منها للخروج من صندوق السياسة التقليدية التي عمقت الانقسام والفجوة الهائلة بين الشعب وقيادته وهمشت منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأدت لظهور شخصيات تمت صناعتها وصياغتها في مستوطنات الاحتلال.