أنا من الأغلبية في الدولة التي تعتقد بأنه حان الوقت لينهي بنيامين نتنياهو مهامه في رئاسة الوزراء. لم تنجح هذه الأغلبية، في ثلاث جولات انتخابية، في بلورة مرشح مضاد يقيم حكومة أخرى. ولكنها لا تزال أغلبية، وأداء نتنياهو الفاشل في مكافحة «كورونا» يؤدي إلى توسيعها.
يقف نتنياهو على رأس الحكومة منذ أكثر من عشر سنوات، فترة زمنية طويلة جداً، والحكم برئاسته يبعث على المقت فقط.
حكومته هي الأكثر تضخما في تاريخ الدولة، وهي تهزأ بفكرة الرسمية. تدهور أسلوب الحديث في الكنيست إلى مطارح لم نشهدها من قبل. وبين رجال نتنياهو ثمة من اكتشف بأن دور الحكم هو تدليل الفائزين به. في فترة حكمه تآكل جهاز الصحة، وضبطه «كورونا» وهو ضعيف وهزيل. الصدوع في المجتمع أخذت في الاتساع، والحكم الذاتي للاصوليين، بفصائلهم المختلفة، ولجماعات أخرى، أخذ في التعزز. المنظومة القضائية بحاجة إلى اصلاح جذري، ولكن على مدى سنوات حكمه الطويلة، وطالما تعلقت الأمور بالآخرين، حرص نتنياهو على ألا يعالج ذلك. الآن ليس الوقت.
فشل نتنياهو فشلا تاما في ادارة ازمة «كورونا»، التي تدار على أساس اعتبارات سياسية غير موضوعية.
وهو يعرض ذلك، ويعرف أن الجمهور يعرف. ولعل الأسوأ من كل شيء هو ما حصل لثقافة الحكم، التي أصبحت ثقافة الفراغ، حيث فقدت الكلمة كل قيمة. يمكن القول إن رئيس الوزراء لا يمكنه ان يتولى مهامه وهو يخضع للتحقيقات وتجسيد العكس؛ يمكن الوعد باسقاط حكم «حماس» وبدلا من ذلك دفع الخاوة لها؛ يمكن الترويج لمنع الاستسلام لـ «المخربين» وتحرير الف من بين «أسوئهم» في صفقة مهزوزة؛ يمكن التضحية بالمصالح للمدى البعيد في صالح ما يخيل كمكسب في المدى القصير.
اختفى مبدأ القدوة الشخصية. ما هو مسموح للحكام محظور للرعايا (المثل في اللاتينية يقول ما هو مسموح لجوبيتر محظور على الثور البري).
وبدلا من ذلك يمكن فرض الاجراءات المتشددة على الجمهور والتصرف وكأن الحكم هو فوق القانون والمواطنون تحت القانون، وتحريض الشرطة عليهم. كما يمكن شراء طائرة خاصة للوجهاء بمئات الملايين.
لو كانت مصلحة الدولة أمام ناظري نتنياهو لحررنا من حكمه. ولكن من المشكوك فيه أن يسلم نتنياهو طوعا بفقدان الحكم.
من ناحية نتنياهو المصلحة الشخصية تسبق كل شيء. هو يعرف ذلك، وهو يعرف أن الجمهور يعرف. ولما كان ذلك، تبقت التظاهرات السبيل شبه الوحيد للكفاح ضد حكمه.
نتنياهو من جهته يكافح بكل قوته، وفي هذا الكفاح هو مستعد ليضحي بالاقتصاد وبرفاه سكان إسرائيل.
قسم مهم من القيود المفروضة علينا تفتقر الى أدنى منطق، ولا يمكن شرحها الا بالكفاح العنيد ضد التظاهرات. كما توجد قيود، مثل منع السفر الى الخارج، ليس لها على الاطلاق تفسير منطقي.
منحت الحكومة ذات الرأسين نتنياهو فضائل كبيرة، ولكن ثمة غير قليل من العوائق أمامه أيضا.
لقد أبدى «أزرق أبيض» حتى اليوم ضعفاً وتفكراً واهناً. ولكنه جدير على الأقل أن يستغل قوته لمنع الكفاح ضد التظاهرات. ويوجد شيء آخر أيضا. يحرم قانون رئيس الوزراء البديل نتنياهو من إمكانية إقالة وزراء «ازرق ابيض»، حتى لو صوتوا في الكنيست بطريقة لا تروق له. فلماذا لا يصوتون مثلا لصالح مشروع قانون خاص يجب أن يرفع، ويضمن العفو عن ملزمي الغرامات على خرق انظمة «كورونا» (العفو لا ينطبق على شخصية عامة أو على من عمل وهو يعرف أنه مصاب وينشر المرض). مثل هذا القانون، الذي لعله يمكن أن يحظى باغلبية في الكنيست سيكون خطوة صحيحة في الاتجاه المناسب.
كانت لنتنياهو أيام أفضل، عاد فيها من الولايات المتحدة ليتجنّد لسييرت متكال، وأدى بنجاح وبشجاعة دوره كضابط شاب. فهل نتذكر هذا؟ أم ربما سيبقي لنا نتنياهو إرث فشل مكافحة «كورونا»، وإرث الاعتبارات الشخصية، والشقاق والدمار لثقافة الحكم.
عن «يديعوت»
*وزير العدل الأسبق.