عودة للجذور
نشر بتاريخ: 2018/01/08 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 17:54)

لا بد من عودة قوية وممنهجة للجذور الأصيلة للثورة وحركة التحرر الوطني الفلسطينية عبر إعلاء المفاهيم الحضارية والنضالية لشعبنا لمواجهة التحدي الأخطر في مسيرته نحو التحرر و الاستقلال، بعد أن ذهب مشروع التسوية السلمية إلى غير رجعة، وهذا الأمر بحاجة إلى خلق تحولات مفصلية جوهرية في مقدمتها إعادة صياغة الوعي الوطني وضرورة بناء استراتيجية عملية لاستعادة روح الثقافة الوطنية المقاتلة، مما يقتضي التعامل مع الكيان الإسرائيلي كعدو وليس شريكا في عملية سلام، والتأكيد على أن الصراع مفتوح مع الحركة الصهيونية على هوية الأرض والمقدسات ووجود الإنسان، وهذا الصراع ذات منطلقات ومرتكزات سياسية وقومية في بعدها الوطني الفلسطيني الشامل لمواجهة عدو عقائدي لا يخفي أهدافه ذات المضمون الديني اليهودي المدعوم من المسيحية الصهيونية والإمبريالية العالمية، شئنا أم أبينا فإن الصراع عاد إلى أصوله الأولى، فهو صراع وجود لا حدود، وهذا ما يجب الاستناد إليه في إعادة صياغة الوعي الوطني من جديد بعد سنوات عجاف من جولات التفاوض ونظريات التعايش والسلام الوهمي.

إن وسائل الإعلام على اختلافها وو سائط التواصل الجماهيري بكل أشكالها تمثل البوابة الأوسع لإعادة بناء الثقافة الوطنية المقاتلة، ولكن هذا يتطلب بالتوازي إحداث تغيير استراتيجي في الخطاب السياسي الوطني الجامع للفصائل والقوى الفلسطينية وكل المكونات الشعبية والمنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني لتصب في ذات البوتقة، إلى جانب بث روح الصمود و إستحضار إرادة التحدي الشعبية وكل أشكالها النضالية في مواجهة هذا الكم الهائل من المعاناة وخطورة المرحلة بكل تشعباتها التي تهدد بشطب وإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
إن سياسة كي الوعي الفلسطيني التي أتبعت على غير صعيد وإفراغ النضال الوطني من مضامينه الحقيقية والمحاولات المستميتة لإعادة صياغة الوعي الوطني ضمن قوالب جاهزة خدمت وما زالت تخدم أجندة سياسية في مجملها معادية لطموحات الشعب الفلسطيني تحتاج بصدق إلى وقفة واعية وجادة تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح خاصة في أوساط الأجيال الشابة التي ترعرت على وهم السلام والتسوية مع العدو الإسرائيلي، والتخلي عن مقومات الفعل الثوري الفاعل والداعم للحقوق الوطنية في ظل التوجهات السياسية العامة التي أثبتت فشلها و عبثيتها ووصلت إلى طريق مسدود، وبالرغم من ذلك يتمسك بها أصحابها دون أي تغيير أو تبديل وفي ذات الوقت يقرون صراحة بأنها فاشلة ولم تحقق شيئا من الأهداف والحقوق الوطنية المشروعة.

إن فشل مشروع التسوية والسلام المزعوم الذي يعطي للعدو الإسرائيلي كل شيء و يحرم الفلسطيني من كل شيء و يصادر حقه في الوجود والأرض وحق العودة وحق تقرير المصير و الحرية والاستقلال، يجب أن يعيد الصراع بكل مفاهيمه إلى المربع الأول وليس التسليم بما آلت إليه نتائج الأمر الواقع والرضى بالفتات من المعروض الذي يعني شطب وتصفية المشروع الوطني إلى غير رجعة، وهنا لابد من التأكيد على أن كل الخيارات الكفاحية مفتوحة لاستعادة الحقوق الوطنية، ونقطة البدء تكمن في تحصين الوعي الفلسطيني بكل الأبعاد الثقافية والنضالية والحضارية.