إلى فخامة الرئيس محمود عباس،إلى الرجل الذي يحمل كل الألقاب… ويترك كل القضايا تتساقط.أنا لاجئ فلسطيني.لا أحمل صفة رسمية، ولا بطاقة دبلوماسية، ولا حسابًا مصرفيًا في عواصم القرار.
أحمل فقط ذاكرة شعب، وسؤالًا ثقيلًا: كيف يمكن لقائد أن ينجو بكل هذا الفشل، دون مساءلة؟أُقرّ وأعترف:أنت رئيس دولة فلسطينية.وفي عهدك، لم تضِع الدولة لأنها وُلدت ضعيفة، بل لأنها تُركت بلا مشروع، بلا سيادة، وبلا كلفة على من يحتلها.
أُقرّ وأعترف:أنت رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.وفي عهدك، تحولت المنظمة من حركة تحرر وطني إلى اسم تاريخي يُستدعى عند الحاجة، ويُعطَّل عند الخطر.منظمة بلا تمثيل فعلي، بلا تجديد، بلا انتخابات، وبلا مساءلة—كأنها أثرٌ من متحف سياسي مغلق.
أُقرّ وأعترف: أنت رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني، فتح.وفي عهدك، لم تُهزم فتح عسكريًا، بل مُسحت سياسيًا من داخلها.تم تفكيكها، تحييد كوادرها، وتوريث القرار فيها، حتى بات تاريخها عبئًا لا رصيدًا، واسمها وسيلة ضبط لا أداة تحرر.
أُقرّ وأعترف: أنت رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.وفي عهدك، أصبحت السلطة جهاز مراقبة… لا للاحتلال، بل للشعب الواقع تحته.تُحصي الانتهاكات الإسرائيلية، توثّقها، ترفعها، ثم تعود إلى مكاتبها بانتظار بيان دولي لا يأتي.
أُقرّ وأعترف:أنت القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية.وفي عهدك، لم تعد هذه القوات قادرة على حماية ما تبقى، فكيف لها أن تحرر ما سُلب؟
حولت “القوة” إلى وظيفة، و”الأمن” إلى تنسيق، و”السيادة” إلى مصطلح في الخطب.كانت فلسطين، بمؤسساتها وكوادرها ونضالها، تملك الكثير من المقدرات.وفي عهدك، تحولت هذه المقدرات إلى شبكات مغلقة، وممتلكات سياسية، تُدار بعقلية العائلة لا الدولة، وبمنطق الاستمرارية لا الشرعية.
شهداؤنا، أسرانا، جرحانا— هؤلاء الذين كانوا عنوان كرامتنا الوطنية— في عهدك، لم يعودوا قضية تحرر، بل “حالات اجتماعية”، تُصنّف وفق معايير الفقر، لا معايير النضال.كأن التضحية صارت عبئًا ماليًا، لا دينًا وطنيًا. تقول إنك “الأمين المؤتمن”،لكن السؤال الذي يلاحقك، ويلاحقنا جميعًا:على أي أمانة؟أمانة الأرض التي تتآكل؟ أم أمانة القرار الذي يُؤجَّل؟ أم أمانة شعب يُطلب منه الصبر… بلا أفق؟ هذه ليست رسالة كراهية، ولا بيان فصيل، ولا نداء انقلاب. هذه رسالة من لاجئ لم يُستَشر حين تقرر مصيره، ولم يُنتخب ليُسأل، ولم يُهزم ليصمت. في التاريخ، لا يُدان القادة فقط بما فعلوه، بل بما سمحوا بحدوثه. وفلسطين، في عهدك، لم تُهزم في معركة واحدة، بل خُسرت… بالتقسيط.
حين تصبح القيادة شاهدًا على الضياع
نشر بتاريخ: 2025/12/25
(آخر تحديث: 2025/12/25 الساعة: 17:46)