"مشروع كوشنر في غزة: رؤية اقتصادية تصطدم بواقع الجدار السياسي"
نشر بتاريخ: 2025/12/20 (آخر تحديث: 2025/12/20 الساعة: 15:00)

في ظاهر الأمر، يبدو مقترح تحويل غزة إلى منطقة سياحية ساحلية متقدمة مشروعًا واعدًا يحمل وعودًا بالتنمية وتحسين الواقع المعيشي لسكان القطاع، إلا أن قراءة متأنية للمشهد تكشف أن تنفيذ هذا المشروع الطموح يواجه تحديات ومخاطر حقيقية قد تُفرغه من مضمونه أو تحوله إلى أداة لإعادة تشكيل الواقع السياسي بعيدًا عن إرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه الأصيلة.

أبرز التحديات تكمن في غياب الأفق السياسي الواضح، فالمقترح يُطرح في ظل استمرار الاحتلال، والحصار الخانق، والانقسام الداخلي، دون أي إشارة لحل جذري يُعالج جذور الأزمة الفلسطينية، فـضخ استثمارات ضخمة دون معالجة القضايا الجوهرية يُهدد بتحويل التنمية إلى وسيلة "احتواء" بدل أن تكون جزءًا من حل شامل وعادل.

على الصعيد الأمني، لا يمكن تجاهل هشاشة الوضع في غزة، وتكرار موجات التصعيد، لان أي مشروع بهذا الحجم يتطلب بيئة مستقرة، وضمانات حقيقية لحماية الاستثمارات والأرواح، وهو أمر غير متوفر حاليًا في ظل غياب حل سياسي نهائي بما يخص الصراع مع دولة الاحتلال.

المخاوف تتعاظم أيضًا من طبيعة الجهة المشرفة على المشروع، فالدور المحوري للولايات المتحدة، ممثلة بفريق كوشنر، يثير تساؤلات حول الأهداف غير المعلنة، خاصة في ظل انحياز واشنطن الواضح خلال السنوات الماضية، وتقديمها حلولًا اقتصادية كبديل عن الحقوق الوطنية.

كما أن غياب الشراكة الفلسطينية الرسمية والشعبية في صياغة المشروع أو حتى الاطلاع على تفاصيله، يُضعف فرص قبوله على الأرض، ويُعرضه للرفض أو الفشل كما حدث مع مشاريع سابقة طُرحت خارج السياق الوطني.

نهايةً، لا يمكن لمشاريع الإعمار أو التطوير أن تنجح في بيئة يطغى عليها الاحتلال، وتُغيب فيها السيادة، وتُستبدل فيها العدالة والحقوق المشروعة بالمال، فالتنمية الحقيقية لا تنفصل عن الحقوق، وأي محاولة لتجاوز هذه الثوابت ستبقى محفوفة بالمخاطر، مهما بلغت جاذبية العناوين.