مدينة تواجه الاحتلال والفوضى
نشر بتاريخ: 2025/11/30 (آخر تحديث: 2025/12/05 الساعة: 23:38)

في المدينة التي تتحضّر لاستقبال الضيوف احتفالًا بعيد الميلاد المجيد، بعد أن غابت الاحتفالات عامين كاملين بسبب حرب الإبادة في غزة، تضيق مساحة الفرح كلما وجدنا الحصار المفروض على المدينة، وكلما شاهدنا جدار الفصل العنصري يحول دون دخول الكثير من زوّار المدينة الذين يتوقون الزيارة، سواء كانوا من داخل البلاد أو خارجها.

سياسة عزل المدينة ليست جديدة، بل هي تعود لبداية الألفية الثانية، حين قرر الاحتلال بناء جدار الفصل العنصري، الذي اقتطع مساحات من أراضيها وفرض شروط عَزْلة ومنع، وحال دون وصول ملايين البشر عبر العقدين الأخيرين، بفعل إجراءات عديدة وسياسات عنصرية، وبوابات ومتاريس وجنود مدججين بالعتاد والسلاح. الأمر الذي جعل المدينة بعيدة عن العالم بقدر الإجراءات والقيود المفروضة عليها، والخنق الاقتصادي الذي يعاني منه قطاع السياحة، حالُه كحال بقية القطاعات الأخرى.

وفي الشارع العام ترى المشاةَ والمسافرين، وأنت تحفظ الطرق عن ظهر قلب؛ هي الطرق التي سلكتها طيلة حياتك، فلا حاجة لشارات ويافطات تدلّك على الأمكنة، وفي الوقت نفسه فإنك قادر على أن تجد طريقًا تعبره تارة بخطى فوق الرصيف الضيّق، وتارة في منتصف الطريق باحثًا عن خيط سير لخطواتك، أمّا السائح فقد لا يجد حيّزًا يمشي عليه، لأن الأرصفة اعتُدي عليها، ولأنها باتت ملاذًا للأكشاك والباعة المتجوّلين وللمركبات التي تقف عليها، وهذا أيضًا يحزن القلب، إذ لا تجوز هذه الممارسات في المدينة السياحية الدينية التي تستحق أن تكون مثالًا في النظام والقانون، ويكون التجوّل فيها ممكنًا لكل سائح وكل زائر وكل مواطن.

ووسط هذا، فإن السائح والزائر للمدينة عليه أن يستخير قلبه في الاتجاه الذي عليه أن يسلكه، لأن القليل من اليافطات تدلّه على خط سيره، ولأن الكثير من الأماكن التي تستحق الزيارة بلا إشارات واضحة، وحتى بلا تقنيات حديثة، تسمح للسائح والزائر أن يجد خرائطها عبر تطبيقات الهاتف الذكي كما في كل البلاد السياحية الأخرى.

تقصير ليس بجديد، بل عمره سنوات طويلة، وقد بات مشهدًا دائمًا عبر السنوات، وهذا ما يدفعنا للكتابة في شؤون تستدعي الانتباه لها، لعل ما نكتبه يساهم في وضع الخطط والعمل بفاعلية، وأن نصحح ما أمكن، وبقدر المستطاع، فلو أراد زائرٌ للمدينة استخدام المواصلات العامة، يقع سريعًا فريسة لعمليات الاستغلال في ظل عدم وجود نظام مواصلات، كباقي مدن العالم السياحية، ولو أراد التجوّل في المدينة فلن يجد رصيفًا منتظمًا يمشي عليه، وهذا يستدعي إعادة النظر من قبل جهات الاختصاص في واقع الحال، ووضع خطط تنموية للنهوض بواقع المدينة.

هناك مدن ذكية في العالم، ومدن تستحوذ على اهتمام السياح الدائم، وهناك مدن ترفّ لها القلوب والأفئدة، لكنها تعاني من واقع متعثر بالاحتلال والفوضى وضعف الخطط وعدم وجود أدوات لتطوير وتنشيط السياحة والحج إليها.

آن الأوان لنبدأ من جديد، بعملية بناء وفق خطط هدفها تحسين واقع المدينة وتنشيط السياحة إليها.